تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حفظ الأسرار , للشيخ: محمد المختار الشنقيطي]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[06 - 06 - 08, 06:00 م]ـ

فضيلة الشيخ: نريد من سماحتكم التوجه للنصيحة إلى بعض الذين ابتلوا بإفشاء أسرار الدين الذين طلبوا منهم الدَّين إن لم ينالوا منهم. وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

بسم الله. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

نريد من سماحتكم ومن العلامة فلان –اتقوا الله يا إخوان- والإنسان يشفق على أخيه، وهذه الكلمة أنا أحبذ أن تكون للعلماء الكبار ممن لهم قدم راسخة في العلم، فيخص بها العلماء الأجلاء أفضل، وهذه والله أقولها من قلبي، لا يضرك الناس إن رفع الله قدرك، ولن يرفعك الناس إن وضع الله قدرك.

ما الجاه إلا الجاه عند الله الجاه عند الله خير جاه

نسأل الله أن يعظم جاهنا وجاهكم، وأن يجعل ما وهبنا من ذلك عونا على طاعته ومحبته ومرضاته، هذا حق للعلماء الكبار، يخصون بالعبارات التي فيها التمييز بغيرهم، عموما هذا سواء معي أو مع غيري، لا أحب أن الإنسان يغلو في شيخه أو غيره إلا أن يكون العبارات تُعرف أن العبارات التي تليق بالكبار تترك لهم، وجزاك الله خيرا على حسن الظن

ما أنت أول سار غرّه قمر (أو رائد أعجبته) خضرة الدمن

فاختر لنفسك غيري إنني رجل لك المعيدي اسمع بي ولا ترني

نسأل الله أن يجبر كسرنا وكسركم.

هذا السؤال حاصله أن الأخ يشتكي من إفشاء أسرار الناس في الديون، وبالمناسبة في هذا الزمان من أعظم الأشياء التي جرّت على الناس البلاء أفرادا وجماعات خيانة الأمانة، وثبت في الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الأمانة -والعياذ بالله- تُنزع وتُرفع حتى لربما تجد الحي والقبيلة بكاملها قد لا تجد فيها إلا رجلا واحدا أمينا.

هذه الأمانة التي منذ أن يفتح الإنسان عينه من فراشه لكي يستصبح في يومه وهي بين عينيه تقوده إما إلى جنة أو إلى نار.

هذه الأمانة التي رفع الله بها درجات وابتلى بها الخائنين، فأنزلهم إلى الجحيم والدركات، يؤتى بالخائن يوم القيامة، وتحمّل أمانات الناس على ظهره، ثم يكبكب في نار جهنم، وتُرمى الأمانة في النار ويقال له: أد أمانتك كما في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فينزل إلى النار، ويحمل على ظهره أمانات الناس، يحمل على ظهره الكلمات التي ائتمن عليها، يحمل على ظهره عيوب الناس، يحمل على ظهره أسرار إخوانه وأخواته وأبيه وأمه وجماعته وعشيرته، يحمل على ظهره أسرار مكتبه، حينما يجلس وتأتيه عورات المسلمين بين يديه قاضيا أو معلما أو شيخا أو مفتيا كل هذا يحمله، وانظر إلى ذلك الحِمْل، حتى إذا بلغ طرف النار كُبكب فيها ثانية، فيرجع ويطلبها مرة ثانية من الجحيم والنار؛ كما في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمن شاء أن يستكثر ومن شاء أن يقل، ولعِظَم الأمر ذكر الله عز وجل صفات الوارثين الذي يرثون الفردوس هم فيها خالدون، فذكر أنهم لأماناتهم وعهدهم راعون، أولئك الذين لا يمكن أن يخون الواحد منهم، أو ينسى عهدا، والعهد قد يكون بجلسة واحدة، يجلسها مع الشخص يشرب معه فنجانا من قهوة أو شاهي يعده شيئا من العهد لا يخون له أمانة ولا ينكث له عهدا، هذا كله مما يطالب به المسلم، ليس الإسلام بالتسمي، ولا بالتحلي، ولا بالتشهي، ولا بالتمني، ولا بطول اللحى وقصر الثياب، الإسلام مع أنه باللحية والثوب بالعمل والتطبيق، حينما يحوي قلبا يخاف الله، حينما يغيّب أسرار المسلمين في قلبه فتغيب معه في لحده وقبره، لا يخون ولا يمكن حتى أن يبيح السر بالتلميح، ولحتى أن يتحدث كأنه شخص غائب " قلوب الأحرار قبور الأسرار".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير