تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والشيخ رحمه الله – على خلاف ما يظن الكثيرون – رقيق القلب، غزير الدمع، فهو لا يُحدَّث بشيء فيه ما يبكي إلا وأجهش في البكاء، ومن ذلك:

أ. حدثته امرأة جزائرية أنها رأته يسأل عن الطريق الذي سلكه النبي صلى الله عليه وسلم، فدُلَّ عليه فسار على خطواته لا يخطئها، فلم يحتمل كلامها، وأجهش بالبكاء.

واستمع:

http://www.alalbany.net/audio/alalbany011.zip

ب. وفي آخر لقاء لي به رحمه الله، حدثته عن رؤيا رآها بعض إخواننا، وهي أنه رأى هذا الأخ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فسأله: إذا أشكل عليَّ شيء في الحديث مَن أسأل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل محمد ناصر الدين الألباني. فما أن انتهيت من حديثي حتى بكى بكاءً عظيماً، وهو يردد " اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون ".

ج. وحدثه بعض إخواننا عن سب والده للرب والدين - والعياذ بالله - فبكى الشيخ لما سمع من جرأة من ينتسب للدين على بعض هذه القبائح و العظائم في حق الله، وحكم على والده بأنه مرتد كافر.

د. وبكى – رحمه الله – لما أثنى عليه بعض إخواننا اعترافاً بتقصيره وتواضعاً لربه تعالى.

واستمع:

http://www.alalbany.net/audio/alalbany012.zip

قسوة القلب وأسبابها

العين تتبع القلب، فإذا رق القلب دمعت العين، وإذا قسى قحطت، قال ابن القيّم - رحمه الله – في كتاب " بدائع الفوائد " (3/ 743) -: " ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي " وكان كثير من السلف يحب أن يكون من البكائين، ويفضلونه على بعض من الطاعات، كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " لأن أدمع من خشية الله أحب إليَّ من أن أتصدق بألف دينار ".

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من القلب الذي لا يخشع فيقول " ... اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها ". رواه مسلم (2722).

ولقسوة القلوب أسبابها، ولرقتها أسبابها - كذلك - فمن أسباب قسوة القلوب:

1. كثرة الكلام.

2. نقض العهد مع الله تعالى بفعل المعاصي وترك الواجبات.

3. كثرة الضحك.

" كثرة الضحك تميت القلب " رواه أحمد (8034)، والترمذي (2305)، وابن ماجه (4217)، وصححه الشيخ الألباني في " الصحيحة " (506 و 927 و 2046).

مرَّ الحسن البصري بشاب وهو مستغرق في ضحكه، وهو جالس مع قوم في مجلس.

فقال له الحسن: يا فتى هل مررت بالصراط؟!

قال: لا!

قال: فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلا النار؟!

قال: لا!

قال: فما هذا الضحك؟!

فما رؤُي الفتى بعدها ضاحكاً.

وكان الحسن يقول: يحق لمن يعلم: أن الموتَ موردُه، وأن الساعةَ موعدُه، والقيام بين يدي الله تعالى مشهدُه: يحق له أن يطول حزنُه.

4. كثرة الأكل.

قال بشر بن الحارث: خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل.

5. كثرة الذنوب.

قال تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين / 14]، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين / 14]. رواه أحمد (7892)، والترمذي (3334)، وابن ماجه (4244)، وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح ابن ماجه " (3422).

وقال بعض السلف: البدن إذا عُرِّي رقَّ، وكذلك القلب إذا قلت خطاياه أسرعت دمعته.

عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله: ما النجاة؟ ما النجاة؟ قال: " أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك " أخرجه الترمذي (2406)، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (2741).

6. صحبة السوء.

وقد شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بنافخ الكير- البخاري (1995)، ومسلم (2628) -.

بل حتى كثرة المخالطة تقسِّي القلب، قال بعض السلف: وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير