تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي طالب العلم: علو الهمّة راية الجِدِّ، و بَذْرُ النِّعَمِ، و إذا طلب رجلان أمراً ظفر به أعظمهما مروءةً، و من ترك التماس المعالي بسوء الرجاء لم ينل عظيماً، و قد قيل لبعض الحكماء: من أسوأ الناس حالاً؟ قال: من بعُدت هِمَّتُهُ، و اتسعت أمنيَّتُهُ، و وَقَصُرَتْ آلَتُهُ، وقَلَّتْ مَقْدِرَتُهُ.

و قد قيل:

إني رأيت وقوف الماء يفسده * * * إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ

والأُسد لولا فراق الأرض ما افترست * * *والسهم لولا فراق القوس لم يصبِ

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة * * * لملّها الناس من عربٍ ومن عجمِ

روى الخطيب البغدادي في كتابه الماتع الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: كان رجل يطلب العلم فلا يقدر عليه فعزم على تركه فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثر الماء فيها فقال: الماء على لطافته قد أثر في صخرة على كثافتها والله لأطلبن العلم فطلب فأدرك.

و لم أر في عيوب الناس عيباً * * * كنقص القادرين على التمام

ودّ الشيطان أن يظفر منك بكبوه؛ ليْجلب عليك بخَيْلِهِ و رَجْلِهِ. فكن رجلاً رجله في الثرى، و هامة همته في الثريا، و من كدَّ كد العبيد؛ تنعَّمَ تنعّمَ الأحرار.

بدأ الحافظ ابن منده – رحمه الله تعالى – رحلته في طلب العلم و هو ابن عشرين سنة، و رجع و هو ابن خمس و ستين سنة.

وقال - رحمه الله -: طفت الشرق و الغرب مرتين.

لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله * * * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

وقيل للشافعي كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه من قبل فتود أعضائي أن لها سمعا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان. فقيل له: كيف حرصك عليه؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال. قيل: كيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.

ومن وصايا السلف في علو الهمة، و الصبر على تحصيل العلم:

• قيل لابن المبارك: إلى متى تكتب العلم؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد.

• قال يحيى بن كثير: لا يُستطاع العلم براحة الجسم

• قال الجنيد: ما طلب أحدٌ شيئاً بجدٍّ وصدقٍ إلا ناله، فإن لم ينله كله نال بعضه.

• قال خلف بن هشام البزار: أشكل علي بابٌ من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته.

• قال الشافعي: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من العلم، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في إدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه.

• قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.

• قال ابن الجوزي: من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس، ويلتذُّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم، هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب.

• قال شيخ الإسلام: إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين.

• قال ابن قدامة المقدسي: و ينبغي له – لطالب العلم - قطع العلائق الشاغلة، فإن الفكرة متى توزعت قصرت عن إدراك الحقائق، وقد كان السلف يؤثرون العلم على كل شيء.

• سُئل سهل بن عبد الله التستري: إلى متى يطلب الرجل الحديث؟ قال: حتى يموت، ويصب باقي حبره في قبره.

• قال أبو موسى بن الحافظ عبد الغني المقدسي عند موته: لا تضيعوا هذا العلم الذي قد تعبنا عليه.

• قال الإمام أحمد بن حنبل: رحلت في طلب العلم والسنة إلى الثغور، والشامات، والسواحل، و المغرب، و الجزائر، و مكة، و المدينة، و الحجاز، و اليمن، و العراقين جميعاً، و فارس، و خراسان، والجبال والأطراف، ثم عدت إلى بغداد، وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة -وسادة- فحممت، فرجعت إلى أمي رحمها الله ولم أكن استأذنتها، ولو كان عندي تسعون درهماً كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري، وخرج بعض أصحابنا ولم يمكنني الخروج لأنه لم يكن عندي شيء. و قال ابن الجوزي رحمه الله: طاف الإمام أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع المسند.

• قال الإمام الشافعي:

أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ * * * سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ

ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ * * * وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير