[طالب العلم والفوضوية]
ـ[أبوحازم الحربي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 09:11 ص]ـ
أمثلةٌ للفوضوية عند بعض طلبة العلم، وإنما أَخُص طلبة العلم لأنهم قُدْوَةُ الناس، الفوضوية أنواع:
فوضويةٌ في أداء الفرائض: فمن الفوضوية إعتياد بعض الناس أن تفوته ركعةٌ أو ركعتان، بل إن بعض الناس أصبح فوات فرض أو فرضين له عادةٌ مُسْتَدِيْمَة، بل إن بعضهم لا يتوضأ إلا قُبَيْل الإقامة، هذا من الجهل، هذا لا يليق بآحاد الناس فضلاً عن صالحي الناس، فضلاً عن طلبة العلم يعني قُصُور واضح، لو أن الإنسان فَتَحَ إرشيفهُ اليومي يَسْتَحي من ربه.
فوضوية في النوم: من أعظم الأسباب في ضياع الأوقات هذا الأمر، ضياعٌ للأوقات، وتَراكمٌ في الأشغال، وسَقَمٌ في الأبدان، وتأخرٌ عن خيرٍ عظيم يفوته، بعض طلبة العلم تارةً تراه نائمًا وقت الضحى، وتارةً بعد الظهر، وتارةً بعد العصر، وتارةً بعد المغرب، تتعجب تجد في كُلِ أرضٍ له نبتةٌ عفنة، ضياع أوقات، تراكم أشغال، إهمال لِمَصالح، لا مُبَالاَة بالأضرار. وأنا أنصح نفسي وإياكم: كُنْ في المُحافظة على وقتك أبخل من البخيل في إمساك ماله، وكُنْ في تعليم العلم أكرم من الكريم في بذل ماله.
فوضوية في قضاء الحوائج: قضاء الحوائج عند بعض الناس يجعله حجر عثرة، ويجعله عقبةً كَؤود، أيها الأكارم، يا طلبة العلم، فينا من هو أكثر أشغالاً من كثيرٍ منا ومع هذا يتوفر له أوقات أكثر من أقلنا أشغالاً، إذاً المسألة ليست كثرة فحسب، المسألة في الترتيب، في إجتناب أمر الفوضوية.
فوضوية في الزيارات: بعض الفُضلاء لا يترك أصحابًا له يراهم يوميًا، بل والعجب أنه يراه في المَدْرَسَة، أو في مكان عمله، ويراه بعد العصر، ويجتمعون في الليل، بل أن بعضهم يقول: نجتمع في اليوم ثلاث مرات في الغالب. عجبًا ثلاث مرات في اليوم تجتمعون! أنا أسألك: ماذا سيترتب على هذا الإجتماع؟ لا أسألك عما سيكون فيه، لكن أليس لهم بيوت؟ إن كانوا متزوجين أليس لهم زوجات وأولاد؟ إن كانوا غير متزوجين أليس لهم أُمهات وأباء؟ أليس لهم إخوة وأخوات؟ أين حُقوق البيت؟ أين حُقوق الوالدين؟ ثم يقول بعضهم: لم أُوَفَق في طلب العلم.
فوضوية في صلة الأرحام: طالب العلم أولى الناس بأن يكون واصلاً لرحمه حتى ولو قطعوه، العجب أننا نقرأ فضل صلة الرحم، ونقرأ تعظيم شأن قطيعة الرحم ووالله لو لم يكن في تعظيم شأن قطيعة الرحم إلا ما قاله الله - تبارك وتعالى - في سورة محمد (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)، يكفي أنه قرن قطيعة الرحم بالفساد في الأرض، قد يقول بعض الناس: أنا أذهب إلى شخص من رحمي وقرابتي وهو يقطعني؟ يُقال: ذهابك له قُرْبَةٌ إلى الرحمن، ومعصيةٌ للشيطان، وتأليف لقلوب القرابة والإخوان.
فوضوية في المواعيد: مدح الله أنبياءه - إذا مدح الله نبيًا بِخَصْلَة فهي لجميع الأنبياء، وإذا نَزَهَ الله نبيًا عن خَصْلَة فهي لجميع الأنبياء - (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ)، صِدْقُ الوعد، كانوا في الجاهلية كما ذكر الذهبي في كتاب ((تجريد أسماء الصحابة)) يقول: كان الرجل فينا - أي في الجاهلية - يُحب أن يموت عَطَشًا ولا أن يكون مِخْلاَفًا للوعد. إخلاف الوعد مذموم شرعًا، وعقلاً، وطَبْعًا.
فوضوية في الترويح عن النفوس: بعض طلبة العلم يجعل أصل وقته الترويح والعلم عَرَض، وكان الأصل أن يعكس فيجعل أصل وقته الجد والطلب والترويح عَرَض، ديننا فيه ترويح، فيه فسحة لكن المُصيبة أن بعض الناس يجعل وقته في الأصل للترويح، والعَرَض والقِلَة للجدية والإهتمام بالعلم ولا شك أن هذا من التناقض.
فوضوية في طلب العلم: وأخرتها لأهميتها، وأُمورها كثيرة، وشُعَبُها كثيرة:
الفوضوية في حضور الدروس: ولها صورٌ كثيرة من صورها أن بعض الناس إذا لم يفهم شيئًا في أول درسٍ يحضره أصابه إحباط، وترك الدرس ولم يحضر.
من الفوضوية أيضًا: كثرة التنقل من درسٍ إلى آخر بلا ظابطٍ مُعين بل بعشوائية وطمعًا في التحصيل والتعجل في التحصيل بدون ظوابط فيما يتطلبه الدرس من تحضيرٍ مُسبق، ومن مُراجعةٍ مُلْحَقَة.
أيضًا من الفوضوية: أن بعض طلبة العلم يُحاكي بعض أصحابه فإذا حضر صاحبه الدرس حضر معه، وإن غاب صاحبه عن الدرس غاب معه.
أيضًا من الفوضوية: يجعل بعضهم الدرس عَرَضًا والأشغال والترويح أصلاً فإذا قلت له: اليوم درس. قال: عندي رحلة، عندي مُخَيَم، عندي زيارة.
أيضًا من الفوضوية: كثرة التغيب والتساهل في الحضور، يحضر خمسة دروس ثم يتعامل بالربا في الغياب فيغب عشرة، ثم يحضر درسين فيغيب أربعة.
من شريط للشيخ / عبدالعزيز بن محمد السدحان - حفظه الله -
بعنوان
[طالب العلم والفوضوية]
مع بعض التصرف
¥