تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مع شيخي محمد صالح المنجّد حفظه الله.

ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 08, 02:01 ص]ـ

الإخوة الأكارم /

أعتذر إليكم، فقد أكثرت عليكم من النقل عن الشيخ محمد صالح المنجد وفقه الله، لكني أرى في سيرته، ومواقفه، وطروحاته، وموضوعاته، وتنبيهاته، خيرا كثيرا لي ولإخواني، فأحببت نشرها بين الناس.

وقد وجدت مقالا طيبا مناسبا، يحوي فوائد جمّة عن الشيخ حفظه الله، وبعض المواقف العلمية والتربوية معه، فأحبت نقلها لفائدتها، وهي ليست ترجمة للشيخ، بل فيها من اللطائف والفوائد ما يناسب أن تكون في المنتدى الشرعي العام، لذا أثبتها هنا:

---

مع شيخي محمد صالح المنجّد!

موسى بن محمد هجاد الزهراني

يوم الأمس كان يوماً مشهوداً في حياتي؛ أتعلمون لماذا؟، لقد زارني شيخي الحبيب الذي تربيت على يديه سنوات طوال؛ ونهلت من معين علومه؛ وسعدت بالتتلمذ عليه ردحاً من الزمن ليس باليسير؛ وإن كنت لست بأفضل من تتلمذ عليه؛ ولا أعد نفسي شيئاً أمام كثير من إخوتي تلاميذ الشيخ.

شغف به قلبي؛ وذرفت عيناي الدمع كلما رأيته .. وتذكرت تقصري في حقه ..

إنه الشيخ / محمد صالح المنجد (1) .. أبو أنس .. أسأل الله تعالى أن يحفظه؛ ويمتعه بالصحة والعافية ويزيده من فضله وعلمه؛ إنه على كل شيء قدير.

عرفته إذ لم أتجاوز العشرين من عمري؛ فكنت أتقصد الذهاب إليه لأنظر في وجهه فأزداد حباً له .. مع أني ... ماذا تتوقعون؟!. .. فكروا .. واحزروا .. ؛ أنا أقول لكم ..

.. مع أنني لم أكن أعرف اسمه حينها ولا من هو؛ نعم! والله كذلك؛ لكن الذي أعرفه أنه امرئ يشع من جبينه إخلاصٌ لله عجيب (أحسبه كذلك) ..

لم يكن كالذين تعودنا على ارتقائهم المنابر بدفاترهم؛ كنا نراهم في صغرنا وهم يأتون بعجائب الخطب؛ من خطب أواخر العصر الأموي؛ وبداية العباسي فيدعون للخليفة بطول البقاء ومديد العمر مع أنه قضى نحبه منذ أكثر من ألف عام! فنخرج من المسجد ولم نستفد إلاّ ركعتي الجمعة.

رأيت الشيخ يرتقي المنبر - في أول مرة ألقاه فيها - بخطىً ثابتة؛ ويلقي خطبة لم أسمع مثلها منذ عشرين عاماً باستثناء سبع سنوات هي بداية حياتي إذ كنت فيها طفلاً!؛ كانت مدة الخطبة ساعة كاملة؛ مرت وكأنها خمس دقائق؛ وأذكر أنني ذهبت إليه بعدها وعرفته بنفسي فرحب بي وابتسم فكاد عقلي يزيغ من الفرح! وقال لي بعد حديث طويل: (أشوفك بكرة درس الفجر؛ جيب معك مختصر صحيح البخاري ... ).

فعجبت لأني لم أكن أعلم أن هناك دروساً تعقد بعد صلاة الفجر .. فكُلُّ ما تعلمته؛ هو أن الدروس في المدارس النظامية؛ تعقد قسراً من السابعة صباحاً إلى قريب العصر.

ستُ سنوات في المرحلة الابتدائية؛ وثلاث في المتوسطة (الكفاءة) (2)؛ هذا إذا لم يتكرم الطالب بالمكث سنة أخرى تطوعاً منه؛ فيكون عالة على المدرسة ومعلميها عاماً كاملاً!؛ وثلاث في الثانوية .. ثم يتخرج الطالب غالباً لا يفقه مما درس شيئاً فضلاً عن القرآن الكريم الذي لا يفقه منه إلاّ ما يفقهه امرئ القيس منه!. وأمريكا الغبية؛ مع كل هذا تطالب بتغيير المناهج؛ فماذا سيصبح أبناؤنا بعدها؛ وهم لا ينقصهم كسلٌ في تعلم كتاب الله.

*****

لم أنم تلك الليلة خوف أن تفوتني صلاة الفجر ويفوتني معها درس الفجر والذي كان وقتئذ في (تفسير ابن كثير)؛ ومختصر صحيح البخاري المسمى (التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للإمام الزَبيدي) ..

فغدوت وكلي رهبة من هذه التجربة الجديدة في حياتي؛ فكان من الصدف العجيبة أن وجدت أحد تلاميذ الشيخ؛ عابس الوجه مفنداً؛ فنظر إليّ شزراً محتقراً شخصي الفقير إلى عفو الله؛ والطبعةَ التي أحملها بين يدي لصحيح البخاري؛ كونها تختلف عما بين أيديهم؛ وأما الطبعة التي معي فهي طبعة ثقيلة الوزن سمكها عشرون سنتيمتراً! لو حملها بعيرٌ لكسرت ظهره وقضى نحبه!؛ ثم نظر إليَّ بعينين يخرج منهما الشرر - نسأل الله السلامة - قال: أنت تريد أن تطلب العلم؟!.

قلت: لا! .. ولكن الإمام قال لي البارحة: (تعال أشوفك في درس الفجر فجئت).

فهز رأسه، ومطَّ شفتيه، وقلبهما تعجباً ونظر إليَّ نظرة سخرية وانصرف!؛ فقلت في نفسي هذا أول الخير!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير