تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أعذرني يا أبا أنس .. لم أوفك حقك في هذه الأسطر .. واعذروني أنتم .. واسألوا له الثبات ولي ولكم و الرفعة والعلم والإخلاص في القول والعمل.

رأيت مرة منذ أربعة عشر عاماً في منامي .. أنني أجلس على (كنب) في منزلي وبجواري الشيخ ابن باز رحمه الله، وأنا أطعمه شحماً أبيض .. فقصصتها على الشيخ محمد المنجد؛ فقال لي: أنا لا أعبر الرؤى ولكن أظن والله أعلم أنك ستحفظ (من) القرآن وربما تصلي بالناس مكاني هنا إماماً .. وضحك .. أما أنا فما عجبت من حفظ القرآن بل تعجبت كيف أصلي بالناس في مسجده؟.

وبعد عامين .. يسافر الشيخ للعمرة في رمضان، وإذا به يكلفني بإمامة الناس في صلاة التراويح والقيام ..

والله الذي لا إله غيره لو كلفني بالمشي من الدمام إلى الرياض على قدمي لرأيت ذلك سهلاً مقابل أن أَؤمَّ الناس .. وبدل من؟! بدل الشيخ المنجد .. شتان بين الموكل والوكيل في كل شيء .. فكان يتصل بي من مكة يطمئن على سير عملي فأشكو عليه من تعنتات بعض المصلين؛ وهو يضحك ويقول: ما شفت شيء بعد! ..

أربعة أيام .. كأنها أربعة أشهر؛ فلما جاء الشيخ؛ ذهبت لاستقباله في المطار؛ مطار الظهران يومئذٍ؛ فجراً؛ ففرحت به مرتين؛ مرة لرؤيته؛ وأخرى لخروجي من ذلك المأزق الذي كنت أدفع ضريبته كل ليلة .. فهذا ينتقد الدعاء .. وذلك ينتقد .. الصوت .. والثالث .. طول الصلاة .. والرابع .. التجويد .. والخامس .. شكلي!.

تخيل حتى الشكل لا يروق لبعض الإخوة ويريدونني في طول (قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه .. ) وصوت (ثابت بن قيس بن شماس) رضي الله عنه .. وهكذا ..

*****

أذكر أنه جاءني يوماً في عام 1411هـ وهو يضحك ويقول لي مداعباً: موسى أفندي! ما دريت أيش صار لي بالأمس؟! ..

قلت: لا ..

قال: ذهبنا إلى البحر ومعي إبراهيم الشهري (أحد أنجب تلاميذ الشيخ وهو صديق لي حبيب ومعروف جداً في مواقع كثيرة على الإنترنت) .. وكدنا نغرق .. لو رأيتني والسمك يدغدغ أقدامي وأنا معلق وبوسطي طوق النجاة البلاستيكي! ..

أما أنا فبكيت من الفرح بنجاته .. بعد أن أخبرني أحد الإخوة بتفاصيل الحادثة؛ وأن الشيخ مكث ساعات طويلة في البحر؛ بينما سبح إبراهيم بابن الشيخ (أنس) وكان صغيراً يومئذ حتى استطاع أن يوصله إلى الشاطئ.

*****

جاءنا الشيخ بالأمس الثلاثاء 27/ 3/1424هـ .. وخلوت به في منزلي فنظرت إليه وقد علاه الشيب .. فذرفت عيناي؛ وعدت إلى تلك الأيام الجميلة بذاكرتي .. وتمنيت أنها تعود ولو لليلة واحدة .. مكثنا قرابة الساعة؛ نتحدث فيها حديث القلب للقلب؛ والنفس للنفس؛ فما أمتعه من حديث.

بعد ذلك ألقى محاضرة بجامعنا؛ جامع القادسية (بمجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران) كانت جميلة جداً .. يتجلى فيها سعة علم الشيح الذي ازداد زيادة لا أستطيع أنا الضعيف أن أتحدث عنها في سنوات معرفتي به ..

أسكنتكم بين الضلوع وخفتُ أن ... تؤذى فللقلب المحب وجيب

وودت لو أسْطِيعُ حمل محبتي ... بيديّ أهديها لكم فتُجيب

لكنني أهدي الفؤاد بما حوى ... فإذا نزلتم فيه فهو رحيب

يا شيخ تلك مشاعري جياشةٌ ... آتي بذكركمُ لها فتطيب

أنت الذي صغت المشاعر لوحةً ... ورسمتها أدباً وأنت أديب

سبحان من أعطاك حسن تعامل ... وحباك علماً ليس فيه الريب

منكم تعلمنا العلوم ويُستقى ... من نهرك العذب الزلال الطيب

لك يا أبا أنسٍ عظيم محبةٍ ... في خاطري فالقلب منك طروب

فاللهم ارزقنا علماً نافعاً، وحباً لمن يحبك ولعملٍ يقربنا إلى حبك، واجعل حبك أحب إلينا من أهلينا وأموالنا والدنيا جميعاً ومن الماء البارد على الظمأ؛ واغفر لمن مات من علمائنا، وارزقنا برّهم بعد موتهم؛ و احفظ الأحياء وارزقنا تقديرهم وتبجيلهم وحبهم يا أرحم الراحمين .. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رحيم}

--

وكتبه تلميذه المحب:

موسى بن محمد بن هجاد الزهراني

الظهران / الأربعاء, 28 ربيع الأول, 1424هـ

--

(1) - قد يعجب القاريء لعدم ذكرنا (بن) في اسم الشيخ؛ ويزول العجب إذا عُلم أن اسمه مركب من اسمين محمد وصالح على عادة أهل الشام في ذلك.

(2) - أو كما يسميها الشيخ / علي الطنطاوي رحمه الله (الكفاية!).

--

نقلت الموضوع بتصرف يسير، حيث اقتصرت على ما يخص الكاتب مع الشيخ المنجد وفقه الله دون ما يخص الكاتب مع غير الشيخ، مع تنسيق يسير لبعض النقاط، وهذا رابط الموضوع الأصلي:

http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=420

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[04 - 08 - 08, 02:12 ص]ـ

شكر الله لك

وأسأله ان يعطيك افضل مراتب النظر لوجه الكريم

ـ[مصلح]ــــــــ[04 - 08 - 08, 03:25 ص]ـ

الإخوة الأكارم /

أعتذر إليكم، فقد أكثرت عليكم من النقل عن الشيخ محمد صالح المنجد وفقه الله، لكني أرى في سيرته، ومواقفه، وطروحاته، وموضوعاته، وتنبيهاته، خيرا كثيرا لي ولإخواني، فأحببت نشرها بين الناس.

محبك في الله يقول:

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوعُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير