[سوبر شيخ]
ـ[الحاج أحمد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:45 م]ـ
أخرج أحمد والترمذي عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" ..
الخصلة الثانية من هذا الحديث الشريف .. "والشرف لدينه" .. هي بيت القصيد وموضوع النقاش ..
من الأخطاء المتكررة والشنيعة .. في تربية النشء .. وبناء الفلذات .. القذف في روع الطالب أن يحصّل كل فضائل الدين والدنيا .. ويتحلى بالمروءة والنجدة والسخاء والجود والزهد والشهامة والفروسية .. ويكون فكها مليحا خفيف الظل .. يجيد الخطابة ويحترف الكتابة .. ويحفظ المتون ويشارك في الفنون .. ويقرض الأشعار ويحلل الأخبار .. وينكر المنكرات في المجالس .. ويعظ الناس .. ويحذرهم مغبة التفريط في صيام الهواجر وقيام الأسحار .. ويأسى على فساد المجتمع وانهيار الأخلاق وانتحار الفضيلة .. ! ..
على الشاب أن يحيط بكل ذلك وأجمع منه في وقت قصير جدا من عمره القصير جدا ..
لا بد أن نشحنه بكل المكارم والفضائل والمعالي ونجمع له:
إقدام عمرو في سماحة حاتم **** في حلم أحنف في ذكاء إياس
ونصيّره الرجل الألف كما قال ابن دريد:
والناس ألف منهم كواحدٍ **** وواحد كالألف إن أمر عنى
لا بد أن يحوز الطالب الكمال وتُرى فيه مخايل النجابة والنضج ..
لكن – وبكل أسف – غالبا ما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .. وتخيب الظنون .. ونفاجأ بالطامة الكبرى .. ونجد أن الأمور ليس كما رسمنا وخططنا وتوهمنا .. وفي أحسن الأحوال نعترف بالخلل وننعي الجيل القادم .. ! وننسى الركن الأهم في القضية التربوية .. الطالب لا الوسيلة التعليمية ولا غيرها كما يزعمون ..
الحقيقة المرة .. هي الإغراق في الأماني .. والحرص على الشرف للدين .. والاهتمام بصورة الإسلام لا حقيقته .. والتلبس بمسوح ضأن على نفس قد دساها ..
الحقيقة .. أننا لسنا واقعيين! ولم نتعامل بواقعية مع المتلقي المسكين .. لم نراعِ الحاجات النفسية .. والطبائع الجبلية .. والفروقات الفردية للناس ..
أردنا أن نستنسخ آلافا من الشافعي وشيخ الإسلام وصلاح الدين بتقنية التكلف وبسيف الحياء فخرج لنا آلافا من الشباب بإمكانات عادية ومتواضعة .. أردنا عمرا وأراد الله خارجة .. والحمد لله على كل حال ..
سببٌ من أسباب ذلك هو تنافس المربين على الحظوة .. وحرص كل منهم على الشرف لدينه ..
لا بد لمن أراد أن يلحق بنا .. أن يتبعنا حذو القذة بالقذة .. ويأخذنا بكليتنا .. يفكر كما نفكر .. ويتكلم كما نتكلم .. ويكتب كما نكتب .. ويبكي في التراويح كما نبكي ويُعلن تحسره على أحوال المسلمين في كشمير والشيشان .. ويسب من نسب ويلعن من نلعن .. وإلا فإن قدره أقل من قدرنا .. وورعه دون ورعنا .. واهتمامه بالمسلمين ليس كاهتمامنا ..
فيضطر المسكين ليرضى عنه المربي – الذي يحتاج إلى مربي – إلى التصنع والتكلف .. حرصا على الشرف لدينه .. وليست النائحة المستأجرة كالنائحة الثكلى .. !
هذا .. مع أنه لم تتجلى له معاني الإيمان بعدُ .. ولم تتداخل في دمه ووجدانه .. فيظل برهة على هذا التكلف الذي يزيد مع الأيام .. وهو يحسه في نفسه ويكرهه ويمجه ..
نحوجه أن يتشبع بما لم يعط .. ونضطره أن يصانع في أمور كثيرة .. حتى نقبله في صفنا .. ونعتبره في خندقنا! .. نضيق على عباد الله .. والله لطيف بعباده .. !
قد نسينا أن بداية الألف ميل خطوة .. وأن حقائق الإيمان والتفاعل والانفعال مع أحوال المسلمين والوصول إلى مرحلة "المؤمن للمؤمن كالبنيان" .. مرحلة لا يصل إليها المرء إلا بعد جهاد جهيد وتربية شاقة وتزكية طويل أمدها .. لا يمكن أن يبلغها الحدث والشاب اليافع .. إلا منة من الله .. وعجب ربنا من شاب ليست له صبوة! ..
¥