في اليوم مرتين أو ثلاثا والعلم يحتاج إليه في كلّ وقت".
العلماء هم ورثة الأنبياء ... والعلماء هم أئمة الدين الذين نالوا هذه المكانة بالجد والاجتهاد والصبر واليقين قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة24]
وَعَنْ أبي أُمَامَةَ مرفوعا: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلى الْعَابِدِ كَفَضْلي عَلى أَدْنَاكُمْ» ثُمَّ قالَ: «إنَّ الله وَملائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُونَ عَلى مُعَلِّمِى النَّاسِ الخَيْرَ». رواهُ الترمذي وقَالَ: حَديثٌ حسنٌ.
وَعَنْ أَبي الدَّرْداءِ مرفوعاً: « .. وَفَضْلُ الْعالِمِ عَلى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَهُ الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً وَإنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظ وَافِرٍ». رَوَاهُ أبو داودَ والتِرمذيُّ.
وَعَنْ عبدِ الله بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» متفقٌ عليهِ. وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ... ) [الرعد41] قال ابن عباس: إنما تنقص الأرض من أطرافها بذهاب العلماء ... قال الحسن: كانوا يقولون: ((موت العالم ثُلمة في الإسلام لا يسدّها شيء ما اختلف الليل والنّهار))
وقال الأوزاعيّ: ((النّاس عندنا أهل العلم. ومن سواهم فلا شيء)) ... ومن بديع النّظم ماقيل-وهو منسوب إلى علي رضي الله عنه-:
النّاس من جهة التّمثيل أكفاء ... أبوهم آدم وأمّهم حوّاء
فإن يكن لهم في أصلهم نسب ... يُفاخرون به: فالطّين والماء
ما الفضل إلاّ لأهل العلم إنّهم ... على الهُدى لمن استهدى أدِلاّء
وقدر كلّ امرئ ما كان يُحسنه ... النّاس موتى وأهل العلم أحياء
2 - حبّهم وموالاتهم: إذا كان حبّ المؤمنين -عموماً- واجباً بل هو من أوثق عرى الإيمان، فكيف بحب وموالاة ورثة الأنبياء، وسادة الأتقياء؟!، قال ابن المبارك: (كن عالما أو متعلّما، أو محبّا لهما، ولا تكن الرّابع فتهلك) ..
3 - توقيرهم واحترامهم: فما فضّل الله تعالى آدم على ملائكته الكرام، إلاّ بالعلم، ... وهل كانت خيبة إبليس إلاّ من تركه لهذا الأدب ومجانبته لهذا الحق؟!، فكان من الملعونين إلى أبد الآبدين. وقد روى الإمام أحمد والحاكم عن عبادة بن الصّامت أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منّا من لم يُجِلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقّه».وكان الشّافعي يقول:"لقد كنت أصفح الورق صفحا رقيقا لطيفا ومالك بين يديّ خشية أن يسمع وقعه"، وكان -رحمه الله- لكثرة تواضعه للعلماء يُلام، ولصدقه في ذلك، سخّر الله له أمّة تُجلّه وتُعظّمه، وتعرف له قدره، حتّى قال الرّبيع بن سليمان المرادي:"والله ما اجترأت أن أشرب الماء، والشّافعي ينظر، هيبةً له".
4 - ذكرهم بالجميل والإجلال والتّعظيم: مع الأموات منهم رحمهم الله، ومع الأحياء، وسواء طلب على أيديهم العلم أم لم يطلبه عليهم، قال الإمام الطّحاوي رحمه الله تعالى وهو يبيّن عقيدة السّلف الصّالح رحمة الله عليهم أجمعين:" وعلماء السّلف من السّابقين، ومن بعدهم من التّابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنّظر، لا يُذكرون إلاّ بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل". أي ضلّ عن سبيل المؤمنين الذي أوعد الله تعالى الحائد عنه قائلا: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) [النساء115] وبمجرّد ما تحسّ من جليسك أنّه يريد أن ينتقص عالما، ففِرّ بدينك قبل أن يسلبك شيئا من حسناتك، وانج بنفسك لأنّ الحرب قد أعلنها على نفسه: «من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب».وإذا لم يغر المسلم لله على العلماء، فعلى من يغار؟!، فهم صفوة الله وأحبّاؤه، وخيرة خلقه وأولياؤه.
-ومن تمام ذكرهم بالإجلال والتّعظيم أن تذكر العالم بالعلم، والإمامة، وتشرّفه وتكرّمه، تقول قال الإمام رحمه الله، وقال الشّيخ حفظه الله ورعاه، وتميّزه عند ذكره عن عامّة النّاس بهذه الألقاب، فإنّ الله أدّب أصحاب النبيّصلى الله عليه وسلم فقال: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً) [النور63]، والعلماء ورثة الأنبياء، فلا يقال: قال فلان وفلان .. بأسمائهم المجرّدة.
هذا وللحديث إن شاء الله بقية نافعة وتتمة مهمة، وفقني الله وإياكم وجعل الجنة مستقركم ومثواكم.
يتبع -إن شاء الله-
¥