تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: قد كتب أئمّة السلف أئمّة الحديث والسنّة كُتُباً مُطوّلة ومُختصرات ذكروا فيها ما يجب على المرء أن يدين لله به ونصّوا في مُقدّماتهم أنّ ما ذكروه في هذه الكُتُب هو بمثابة سفينة نوح التي من تأخّر عنها غرق في بحر الظلمات والشبهات.

فمن تلك الكُتُب التي تُعدُّ أصول اعتقاد السلف أهل الحديث والأثر: ((أصول السنّة)) للإمام أحمد ابن حنبل، و ((السنّة)) لابنه الإمام عبد الله، و ((صريح السنّة)) للإمام الطبري، و ((الإبانة عن أصول السنّة والديانة)) للإمام ابن بطّة العُكبُري، و ((شرح السنّة)) للإمام البربهاري، و ((الإبانة عن أصول الديانة)) لأبي الحسن الأشعري، و ((الشريعة)) للإمام الآجرّي، و ((السنّة)) للإمام الخلال، و ((الاعتقاد)) للإمام أبي الحسين بن أبي يعلى الفرّاء، و ((شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة)) للإمام اللالكائي، و ((السنّة)) للإمام ابن أبي عاصم و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للإمام أبي عثمان الصابوني -رحم الله الجميع- وغيرها من الكُتُب. فما نصّوا ولا ذكروا بل ولا أشاروا ولو إشارات خفيّة –إن صحّ التعبير- إلى استحباب انتحال دين التصوّف بله وجوبه، وإليك أخي القارئ الكريم فقرة من كلام الإمام أبي الحسين محمّد بن القاضي أبي يعلى الفرّاء رحمه الله تعالى (توفي سنة526 هـ مقتولاً في بيته) في مُقدّمة اعتقاده يبيّنُ سبب تأليفه لهذا الكتاب:

قال رحمه الله:

((أما بعد، أعاذنا الله وإياك من التكلف لما لا نحسن، والادعاء لما لا نتقن، وجنبنا وإياك البدع والكذب، فإنهما شرّ ما احتقب، وأخبث ما اكتسب، فإنك سألت عن مذهبي وعقدي، وما أدين به لربي عز وجل، لتتبعه فتفوز به من البدع والأهواء المضلة، وتستوجب من الله عز وجل المنازل العلية، فأجبتك إلى ما سألت عنه، مؤملاً من الله جزيل الثواب، وراهباً إليه من سوء العذاب، ومعتمداً عليه في القول بالتأييد للصواب ... )) الخ

فقد رأيتَ أنّ الإمام أبا الحُسين رحمه الله تعالى سُئل عمّا يدينُ لله به فأجاب رحمه الله عن هذا السؤال المُهمّ والخطير جواباً شافياً كافياً وما أشار إلى التصوّف ولا الصوفية ولو من بعيد.

وفي المُقابل ذكروا الزُّهدَ وحثّوا عليه.

فمن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب السنّة للخلال (ج2/ص475) تحت رقم 750:

أخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبدالله وذكر عائشة أم المؤمنين فذكر زُهدها وورعها وعلمها فإنها قسمت مائة ألف كانت ترقع درعها وكانت ابنة ثمان عشرة سنة وكان الأكابر من أصحاب محمد عليه السلام يسألونها يعني عن الفقه والعلم مثل أبي موسى الأشعري وغيره يسألونها. اهـ

فهذه أربع فوارق بين الزُّهد والتّصوّف تكفي الواحدة منها إلى إنكار صلة هذا بذاك.

هذا آخر ما حضرني في هذه المسألة فإن أصبتُ فيها فمن الله وإن أخطأتُ فمنّي ومن الشيطان والله ورسوله منه براء ولله الحمد من قبل ومن بعد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(1) من مقدّمة الكتاب الماتع ((إدمان الطُروق لمعرفة الفُروق)) لأبي عمّار ياسر العدني، (ص7) دار الآثار، صنعاء، ط1 سنة1427هـ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير