تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كيف يُعرَفُ العلماء؟

ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[04 - 12 - 08, 08:21 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد، قال الشيخ عبد الرحمن اللويحق في كتابه " قواعد في التعامل مع العلماء " (ص 25) - الذي أثنى عليه الإمام ابن باز رحمه الله -:

كيف يُعرَفُ العلماء؟

إن العلماء يُعرَفون بعلمهم؛ فالعلم هو الميزة التي تميّزهم عن غيرهم؛ فهم إن جَهِلَ الناس نطقوا بالعلم الموروث عن إمام المرسلين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

ويُعرَفون برسوخ أقدامهم في مواطن الشُّبهِ، حيث تزيغُ الأفهام فلا يسلَم إلا مَن آتاه الله العلم، أو مَن اتبع أهل العلم.

فالعلماء أطواد ثابتة؛ لأنهم أهل اليقين الراسخ الذي اكتسبوه بالعلم، يقول الإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله: (إن الراسخ في العلم لو وَرَدَت عليه من الشُّبَه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه، ولا قدحت فيه شكًّا؛ لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزّه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردّها حرسُ العلم وجيشه مغلولةً مغلوبةً).

إن العلماء يُعرَفون - أيضاً - بجهادهم، ودعوتهم إلى الله عز وجل وبذلهم الأوقات والجهود في سبيل الله.

ويُعرَفون بنسكهم وخشيتهم لله، لأنهم أعرف الناس بالله، يقول الله عز وجل: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ إن الله عزيز غفور}.

ويُعرَفون باستعلائهم على الدنيا وحظوظها.

إن العلماء بهذه الصفات وغيرها يعرفهم الناس، فأيّما رجل رأيت المعتبرين في الأمة وجمهورها من أهل الحق قد اعتبروه عالماً، ورأوا له ريادته وعلمه، فهو عالم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن له في الأمة لسانُ صدقٍ عام بحيث يُثنى عليه ويُحمَد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء أئمة الهدى ومصابيح الدجى) (الفتاوى 11/ 43).

وهذا حقٌّ، فالمسلمون شهداء الله في أرضه كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم.

وممّا يُعرَف به العالم شهادة مشايخه له بالعلم، فقد دأب علماء المسلمين من سلف هذه الأمة ومَن تبِعَهم بإحسانٍ على توريث علومهم لتلامذتهم، الذين يتبوؤون من بعدهم منازلهم وتصبح لهم الريادة والإمامة في الأمة، ولا يتصدّر هؤلاء التلاميذ حتى يروا إقرار مشايخهم لهم بالعلم، وإذنهم لهم بالتصدر والإفتاء والتدريس.

قال الإمام مالك: (ليس كل من أحبّ أن يجلس في المسجد للتحديث والفتيا جلس، حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل، وأهل الجهة من المسجد، فإن رأوه أهلاً لذلك جلس، وما جلستُ حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أنّي موضع لذلك). (الديباج المذهب لابن فرحون)

وممّا يدلّ على علم العالم وفضله: دروسه وفتاويه ومؤلفاته.

قال الإمام أبو طاهر السِّلَفي عن الإمام الخطّابي: (إذا وقف مُنصِفٌ على مصنّفاته، واطّلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تَحَقَّقَ إمامته وديانته فيما يوُرده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم وطوّف، ثم ألّف في فنون من العلم وصنّف). (سير أعلام النبلاء 17/ 25).

إن العلماء لا يُحَدَّدون ويُختارون عن طريق الانتخاب، ولا عن طريق التعيين الوظيفي، فكأيٍّ من عالمٍ في تاريخ الأمة تَصَدَّر وعلا ذكره، وأصبح إماماً للأمة كلها، وهو لم يعرف المناصب، وما الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية إلا مثلان من هذا التاريخ الطويل للأمة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (المنصب والولاية لا يجعل مَن ليس عالماً مجتهداً؛ عالماً مجتهداً، ولو كان في العلم والدين بالولايات والمنصب لكان الخليفة والسلطان أحقّ بالكلام في العلم والدين وبأن يستفتيه الناس ويرجعوا إليه فيما أشكل عليهم في العلم والدين، فإذا كان الخليفة والسلطان لا يدّعي ذلك لنفسه، ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقولٍ دون قول إلا بكتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمَن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدّى طوره ... ). (الفتاوى 27/ 296)

وهذا لا يعني أن كل من عُيِّن في منصبٍ علميٍّ ليس بعالم، بل المراد أن المنصب ليس دليلاً على العلم، وإلا فإن الشأن عندما يكون الحاكم خيِّراً أن يكون الولاة والقضاة والمفتون كذلك، بل قد يوجَد في عهدِ ظالمٍ قضاة عادلون ومفتون ثقات.

ـ[أبو صهيب محمد المصري]ــــــــ[04 - 12 - 08, 11:56 ص]ـ

رفع الله قدر الشيخ ..

وجزاك الله خير الجزاء.

ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[10 - 12 - 08, 11:14 م]ـ

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك على هذا النقل النفيس.

ـ[جمال العاتري]ــــــــ[19 - 12 - 08, 11:57 م]ـ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

كم هي الأمة اليوم بحاجة لهؤلاء المخلصين الذين ورثوا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير ميراث ... فهم بحق أئمة الهدى ومصابيح الدجى ,نفع الله بعلمهم وهدانا الى سبيل طلب العلم النافع المنجي يوم تزل الأقدام وتزيغ البصار ... اللهم آمين.

لنا علماء نستدل بهديهم ... على السُنة الغراء فهي نجاة

هم لسبيل الانبياء وصحبهم ... ومن ورّث العلم التليد هداة

ومن علماء الحق والفقه والتقى ... امام له حسن النعوت صفات (1)

(1) مطلع قصيدة لمحمد بن فلاح العزيزي المطيري يمدح فيها الإمام المجدد الشيخ:عبد العزيز بن باز -رحمه الله

بارك الله لك في علمك وشكر لك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير