ومنه قول علي رضي الله عنه في يوم الجمل: (إلى الله أشكو عجري وبجري)، وهذه المرأة أيضاً تذم زوجها.
قلة الوفاء في النساء
وعدد النساء اللواتي ذممن أزواجهن أكثر من عدد النساء اللواتي مدحن أزواجهن، وهذا مصداق لقول النبي عليه الصلاة والسلام لما أتى النساء في يوم عيد، ووعظهن: (يا معشر النساء! تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقامت امرأة من سطة النساء فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن فقلن: نكفر بالله؟ قال: لا.
تكفرن العشير -أي: الزوج- لو أحسن الرجل إليكن الدهر ثم رأيتن منه يوماً سوءاً لقلتن: ما رأينا منك خيراً قط).
فهذا خلق النساء، ولذلك فإن الوفاء في النساء قليل، والرجل إذا رزقه الله سبحانه وتعالى بزوجة وفية صالحة فإن هذا فعلاً هو متاع الدنيا؛ لأن الوفاء في النساء قليل، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام خرج مخرج العموم، وإن كان خطابه موجهاً لنساء الصحابة.
خبر المرأة الثالثة
ثم قالت المرأة الثالثة: (زوجي العشنق)، العشنق: هو الطويل المغفل الذي بلا منفعة، والعلماء يقولون: إن العشنق رأسه صغير وقامته طويلة، وفيه تباعد ما بين الدماغ والقلب، فيمكن أن تنقطع الصلة بينهما فيبقى عنده عقل بلا قلب، أو قلب بلا عقل، تقول: (زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق)، فلا حيلة لها معه، وفي الرواية الأخرى: (وأنا معه على حد السنان المذلق)، أي: تعيش معه على شفا جرف هار، فلا اطمئنان على الإطلاق في حياتها مع هذا الرجل، فهذا الرجل بلغ من سوء خلقه أنه لا يتيح لها الفرصة لا لتتكلم، ولا لتسكت، فعلى كلا الحالين إذا سكتت أو تكلمت فإنه سيطلقها، لكن هي تحبه، أو أنها تريد أن تعيش معه ليطعمها، فهي تسكت على سوء خلقه، ولو سكتت فإنه يعلقها فلا هي متزوجة ولا هي مطلقة.
حاجة المرأة للرجل
ولسائل أن يسأل فيقول: إذاً ما هي الميزة في المعيشة مع هذا الرجل؟ والجواب أن نقول: إن المرأة تحسب ألف حساب لطلاقها، فلو عاشت للأكل والشرب فقط لكان هذا عندها ميزة، فالمرأة تصبر على هذه الحياة المرة لأجل أن تعيش في كنف الرجل.
وقد وجدت كثيراً من المشاكل من هذا القبيل، فقد كان أن بعض النساء يرسلن رقعاً مكتوبة، ويتكلمن مشافهة عن الكرب الذي تعيش فيه في بيت أبيها، وتريد أن تتزوج بأي إنسان؛ لأنه إذا كان هناك كرب على أي محور، فكرب تأكل وتشرب معه أفضل من الكرب مع الضيق، فهي مسألة موازنة، فالمرأة لم تطلب الطلاق من زوجها بالرغم من هذا الرفض لشأن هذا الرجل؛ بسبب أنها تحتاج إليه، والله عز وجل قد فطر المرأة على الاستئناس بالرجل، ويقولون في المثل: ظل رجل ولا ظل حائط.
وفي خبر هذه المرأة وصلنا إلى الحد الأدنى، وليس هناك أدنى من ذلك، فهذه المرأة تقول: إن زوجها طويل وليس فيه منفعة، ومع هذا الطول المفرط فهو سيء الخلق، لا تستطيع أن تشتكي منه، وإذا سكتت فإن النتيجة أنه يعلقها فيدعها لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.
خبر المرأة الرابعة
أما المرأة الرابعة فقد وصفت زوجها وصفاً جميلاً، وهي أول امرأة تصف زوجها بخير، تقول: (زوجي كليل تهامة)، ومعروف أن ليل تهامة من أفضل الأجواء (زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة)، أي: لطيف المعشر، وحسن العشرة، (لا حر): أخلاقه ليست شديدة، (ولا قُر): أي: ليس بارداً، (ولا مخافة ولا سآمة)، فالمرأة تأخذ راحتها في الحوار، فتتكلم معه ولا تسكت.
الرفق بالنساء
وأردأ الرجال هو الرجل الذي لا تشعر المرأة بالأنس معه، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يجلس لأزواجه ويستمع شكايتهن، ويحل المواقف العصيبة جداً بكل راحة واطمئنان، ولو تعلمنا من النبي عليه الصلاة والسلام صفة الزوج الصالح لانتهت مشاكل البيوت.
¥