تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا يحوجه إلى أن يريق ماء وجهه، فهذا الرجل أول ما يسمع الثناء فقط يعرف أنه رجل محتاج، فلا يحوجه إلى السؤال، فيقول له: أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء وبهذا التخريج خرج الإمام الكبير العلم سفيان بن عيينة أبو محمد الهلالي، شيخ أحمد بن حنبل وشيخ الشافعي، حديث دعاء الكرب: (لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض وما بينهما ورب العرش الكريم).

فهذا ثناء، وليس دعاء، فلماذا سموه دعاء الكرب؟ عندما قيل لـ سفيان بن عيينة: إن هذا ليس دعاء، بل هو ثناء، قال: نعم، وأنشد هذين البيتين، وقال: إذا كان هذا مخلوق وكفاه الثناء فكيف بالخالق عز وجل.

فعندما تقول: لا إله إلا اله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم هذا ثناء على الله، وإذا كان العبد فهمها وعرفها، فكيف بالخالق عز وجل.

تقول هذه المرأة: (رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد)، ومن الأدلة على كرمه: أنه (قريب البيت من الناد)، الناد: هو منتدى الجلوس، فليس بيته في آخر البلد لأجل أن يفر من الضيفان؛ بل بيته بجانب النادي، وأي أحد يقصده على مدار الوقت، ومثل هذا عندما يكون البيت أقرب بيت للمسجد، ونريد أن نشرب ماء، فأقرب بيت هو الذي نقول له: هات لنا الماء، فهو يعرض نفسه لأقرب مكان لمنتدى الناس، كأنما قيل لها: ما دليل كرمه؟ فقالت: لأنه (قريب البيت من الناد).

خبر المرأة العاشرة

وقالت العاشرة: (زوجي مالك، وما مالك!)، أي: اسمه مالك، ثم قالت: (وما مالك!) أي: هل تعرفون شيئاً عن مالك؟ (مالك خير من ذلك)، مالك خير من كل ما يخطر ببالك، وهذا مدح عالٍ، (له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح)؛ لأنه يتوقع أن يأتيه الضيوف، فلا يجعل الغلام يسرح بكل الإبل؛ لئلا يأتي الضيف فلا يجد شيئاً يذبحه، (له إبل كثيرات المبارك) باركة باستمرار، (قليلات المسارح) قلما يسرحها، (إذا سمعن صوت المزهر)، وهي الإبل التي في الزريبة، إذا سمعن صوت المزهر، (أيقن أنهن هوالك)، يعرفن أن إحداهن ستذبح، فإذا سمعن هذا الصوت علمن أن الضيف وصل، والرجل يحيي الضيوف، ويستقبلهم بالطبل البلدي، فيعرف الجمل الذي بالداخل أنه سينحر؛ لأنه قد حل ضيف.

حرمة الغناء والموسيقى

والغريب: أن بعضهم استدل على جواز العزف على الموسيقى بهذا الحديث! ونحن فعلاً في زمان العجائب! ولو أن العلماء الذين قعدوا أصول الاستنباط، نظروا إلى عصرنا؛ لماتوا بالسكتة القلبية! إذ ليس في هذا دليل؛ لأن الحكاية هذه كلها حصلت في الجاهلية ولم تحصل في الإسلام، فهؤلاء ليسوا نسوة مسلمات، بل عائشة تحكي عن إحدى عشرة امرأة جلسن فتعاهدن وتعاقدن، فهذا كان في الجاهلية.

ويجيب هؤلاء فيقولون: نحن لم نحتج على المشروعية بمجرد الفعل، بل بإقرار النبي عليه الصلاة والسلام.

ويجاب: بأن المرأة التي تكلمت على زوجها بالسوء قد اغتابته، فهل نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم سكت عن الغيبة ورضي بها؟ فنقول: على هذا تجوز الغيبة والنميمة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع كلام النسوان -والنسوان كلمة عربية فصيحة- على أزواجهن وسكت؟! فهذا أراد أن يبني مسألة جزئية فهدم أصلاً، وليس في هذا دليل لا من قريب ولا من بعيد على حل الموسيقى، لاسيما إذا علمنا أن هناك دليلاً قائم على حرمة الموسيقى كلها، وهذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر) الحر: هو الفرج، وهو كناية عن الزنى، (يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، فهذا دليل من أدلة أخرى يحتج بها أهل السنة والجماعة على تحريم الموسيقى كلها، أما الذين أباحوا الموسيقى فإنهم إذا أجمعوا لا ينعقد الإجماع بهم، فكيف يخرقون الإجماع؟ فليس في هذا دليل أصلاً على حل الموسيقى، إنما هذا كان من فعل هذا الرجل في الجاهلية، وهؤلاء أناس لا ندري أكانوا على التوحيد أم لا؟! وهذا الرجل كان من إكرامه لأضيافه أنه يعزف على المزهر، وهي آلة مثل العود أو نحو ذلك، فإذا سمعت الإبل صوت المزهر أيقن أنهن هوالك.

خبر أم زرع

والمرأة الأخيرة هي بيت القصيد، وهي أم زرع التي سمي الحديث بها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير