تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالت: (جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع!)، والمرأة من حبها للرجل تذكر كل شيء حتى الجارية، قالت: (لا تبث حديثنا تبثيثاً)، فأي شيء يحصل في البيت لا يعرف به أحد من الخارج، فهي أمينة لا تنقل الكلام، (ولا تنقث ميرتنا تنقيثاًَ)، أي: لا تبذر في الطعام، فلا تجد مثلاً الأرز ملقى على الأرض، فهي امرأة مدبرة، تخاف على المال، (ولا تملأ بيتنا تعشيشاً) أي: البيت ليس فيه زبالة، كعش الطائر، فعش الطائر عبارة عن ريش وحشيش وقش وحطب، فتقول: بيتنا ليس كعش الطائر، إنما هو بيت نظيف.

وفي بعض الروايات خارج الصحيحين: (وظلت حتى وصفت كلب أبي زرع)، فالكلام هذا كله غزل، والغزل هنا مستحب، ولا أقول: غزل عفيف، إنما هذا غزل مستحب؛ إذ هي تتغزل في زوجها، وتعدد فضائل زوجها، وتشعر بنبرة الحب عالية في كلام المرأة.

قالت: (فخرج أبو زرع والأوطاب تمخض)، كان الوقت ربيعاً، واللبن كثير، والناس يحلبون لبنهم، وفي هذا الوقت خرج أبو زرع (، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين)، معها اثنان من الأولاد في منتهى الرشاقة، (يلعبان من تحت خصرها برمانتين)، فأعجبه هذا المنظر، فقال: هذه المرأة لابد أن أضمها إلي، فضمها إليه، لكن ما الذي حصل؟ قالت: (فطلقني ونكحها)، لأنه لايبقي عنده إلا امرأة واحدة، رجل يحب التوحيد!!

الزوج الثاني بعد أبي زرع

قالت: (فنكحت بعده رجلاً ثرياً)، من ثراة الناس وأشرافهم، (ركب سرياً)، السري: نوع جيد من أنواع الخيل، كان الأغنياء يركبونه؛ لأنه كان مفخرة عندهم، وحتى تكتمل صورة الأبهة قالت: (وأخذ خطياً)، الخطّي: هو الرمح، فهو واضع تحت إبطه رمحاً وراكب على الخيل، متعجرفاً ومهيباً.

انتقال صفات المركوب للراكب

والذي يركب الخيل ويدمن ركوبها، تنتقل صفات الخيل إليه، ومن تلك الصفات: الكبر، وقد ورد هذا في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال: (الكبر والبطر في أهل الخيل، والسكينة والوقار في أهل الغنم)، فالغنم تنزل رأسها، وتمشي في طريقها، فكل واحد يأخذ من صفات ما يعايشه من الحيوان، فهذا المنظر التعيس البريء الحزين -منظر الغنم- إذا ظلَّ طوال عمره فيه، فلابد أنه سيأخذ بعض هذه الصفات في الانكسار، والثاني الراكب على خيل، والخيل يقفز ويتراقص به وما إلى ذلك، فينتقل إليه هذا الشعور.

وقد حدثني بعض الإخوان من الذين كانوا يركبون دائماً أحدث السيارات، حتى من الله عليه بالالتزام، أن الذي يركب سيارة فارهة يحس أنه انتقل إليه ثمن السيارة، فيتعامل مع الناس بثمن السيارة.

بدعة تسمية السيارات باسم الجالب لها ونحوه

ونحن عندنا في مصر بدعة قبيحة، هذه البدعة: أن تسمى السيارة باسم الذي جلبها وركبها، فمثلاً: ماركة المرسيدس، يقولون: هذا راكب بودرة، والألمان الذين يصنعون السيارة لا يعرفون التمساح والخنزير والضفدع والتسميات التي عندنا، بل كل هذا عندنا فقط، ولا تجده حتى في الدول العربية، فيسمونها البودرة؛ لأنه ما كان يركبها إلا تجار الهيروين؛ لغلو ثمنها الفاحش، وكذلك أيضاً يسمون بعض السيارات: الشبح، تيمناً بالطائرة الشبح التي ظهرت في حرب الخليج، التي كان يقول عنها المحللون العسكريون الذين عقولهم منضبطة: إن الطيارة الشبح يمكن أن يرى الطيار منها ماركة الثياب التي تلبسها!! وغير مستبعد أن يقولوا: إنه يمكن أن يأخذها وهو مار ويقرأ الماركة ثم يرجعها ثانية!! ومن العجب أن تجد من يصدق هذا الكلام، ويقول: هذه الطائرة الشبح وأنت جالس تجدها عندك!! وممكن أن الطيار يضرب القذيفة وينزل يتغدى ثم يأتي صوتها وراءه!! فسموا السيارة الجديدة السريعة هذه بالشبح، وكذلك السيارة المسطحة المدرعة اسمها: الفاجرة؛ لأن التي أدخلتها راقصة.

والسيارات التي بهذا الثمن الباهظ تصل قيمتها إلى مليون وسبعمائة ألف ولو صدمت في شجرة لانتهى المليون والسبعمائة ألف، فالذي يركب السيارة هذه وهو يكلمك ويشعر أنه يلبس المال عندما يتكلم معك.

يقول لي صاحب هذه السيارة: لما كنت أنزل من السيارة لأحضر موزاً من الفاكهي، كنت أشعر أن صدري ينتفخ مني لوحده، وأقفل الباب بقرصنة، يقول: كنت أحس هكذا، وهذا الإحساس عندي شعرت به زماناً طويلاً، وهذا مثل ركوب الخيل تماماً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير