[تنبيهات لأئمة المساجد]
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[18 - 12 - 08, 01:48 م]ـ
الحمدلله العظيم الحليم غافر الذنب وقابل التوب والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم إلى يوم الدين ..
أيها الكرام قال صلى الله عليه وسلم {المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه} حسنه الألباني ...
ومن هذا المنطلق ونصحاً لمعاشر الإخوة الدعاة إلى الله تعالى من أهل السنة الذين تسنموا موضع الإمامة وتوجيه المسلمين من خلال المحراب والمنبر أنبه على بعض ما أرى من أخطاء و قد لا تكون بالضرورة أخطاءً لكن على الأقل هو ما أراه أنه خطأ ولعلي أستفيد أكثر وأصحح ما قد أظنه خطأً وهو صواب ... أدلف إلى الموضوع مستعيننا بالله عز وجل ..
- تسوية الصفوف:
دأب بعض الأئمة وفقهم الله لكل خير أن يقول (استووا واعتدلوا ... ) ولم يكلف نفسه بالنظر إلى الصف هل قد امتثل أمره بالاستواء أم لا؟؟!
ففي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقالَ: ((عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)).
(كأنما يسوي بها القداح) أي يبالغ في تسويتها حتى تصير كأنما يقوم بها السهام لشدة استوائها واعتدالها .. قال الشيخ البسام رحمه الله (من فوائد الحديث: شدة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بإقامة الصفوف، فقد كان يتولى تعديلها بيده الكريمة وهذا يدل على أن تسوية الصفوف من وظيفة الإمام.)
سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله وغفر له:
السؤال
فضيلة الشيخ هل المراد بقول الإمام: (استووا واعتدلوا) يعني: استقامة الصف واعتداله، أم أنه متضمن لسد الفرجات وإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب؟ وما صحة الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) هذه المسألة أصبحت بين تفريط وإفراط، فنرجو التوضيح والله يحفظكم؟
الجواب
أولاً: يجب أن نعلم أن على الإمام مسئولية وهي تسوية الصفوف، بأمر الناس بذلك، وإذا لم يمتثلوا تقدم هو بنفسه إلى من تأخر عن الصف أو تقدم ليعدله؛ لأن نبينا وإمامنا وقدوتنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان يسوي الصفوف كأنما يسوي بها القداح، وكان يمر بالصف يمسح المناكب والصدور، ويأمرهم بالاستواء، ولا أدري هل الناس يعملونها اليوم أم لا؟ بل إن رأى الناس إماماً يفعل هذا ربما صرخوا به، ولكن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، والمهم أن على الإمام أن يعتني بتسوية الصفوف، فيلتفت يميناً ويستقبل الناس بوجهه، ويلتفت يساراً ويقول: استووا، سووا صفوفكم، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، تراصوا، سدوا الخلل، كل هذه الكلمات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام بعد أن عقل الناس عنه تسوية الصفوف، وصاروا يسوونها، فرأى رجلاً بادياً صدره - متقدماً بعض الشيء- فقال: (عباد الله! لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وهو حديث صحيح، وفيه وعيد.
ومخالفة الله بين الوجوه قيل فيها معنيان: المعنى الأول: إما أن الله يدير وجه الإنسان فيكون وجهه إلى كتفه -والعياذ بالله.
المعنى الثاني: أن المراد ليخالفن الله بين وجهات نظركم فتفترق القلوب وتختلف، لقوله: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم) وأياً كان الأمر سواءً لي الرقبة حتى يكون الوجه إلى جانب البدن، أو أن المراد اختلاف القلوب، كلها وعيد شديد، وهذا يدل على أنه يجب على الإمام أن يعتني بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً بالتراص والتساوي في المكان هل يقول: استووا أم لا يقول؟ الظاهر لي أنه لا يقولها، يعني: مثلاً لو كان وراءه رجلان فقط والتفت وإذا بهما متساويان متراصان وعلى الوجه المطلوب فلا حاجة إلى أن يقول: استووا؛ لأن هذه الكلمة لها معناها، وليست كلمة عابرة، فالإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف.
ألم تعلموا أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكذلك عثمان لما كثر الناس جعل وكيلاً يمر بالصفوف يسويها، حتى إذا جاء وقال: إنها استوت كبر.
كل هذا يدل على عناية الشرع بتسوية الصف، فإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب لأمرين: الأمر الأول: التسوية.
الأمر الثاني: سد الفرج والخلل؛ لأنك إذا فتحت بينك وبين الذي بجوارك فرجة جاءت الشياطين ودخلت من هذه الفرج ولبست على الناس صلاتهم. (اللقاء المفتوح من الشاملة)
لعل هذا الموضوع يفتح أفاق لبعض طلبة العلم في التنبيه على بعض الأخطاء التي يخشى مع تطاول الزمن أن تصبح سنناً وليحتسب المرء أجر إحياء السنة فأسأل الله لي ولكم من فضله العظيم ..
وللحديث بقية (والموضوع للمشاركة)
¥