الشيخ: أخونا الشيخ يوسف معروف بالعناية بالكتب أولاً ثم بهذه الآلات , وهو يفيد منها على الوجه المطلوب , ولا شك أن هذه الآلات كما قلت مرارا أنها نعم استفيد منها على وجه المطلوب. يستفيد منها طالب العلم بعد أن يؤسس وبعد أن يحصل , ويُكون نفسه تكوينا علميا على الجادة المعروفة عند أهل العلم بالطرق المتبعة , فيستفيد من هذه لاشك , وقلنا إنه يمكن أن يختبر عمله وما نقصه من علم في بعض الجوانب , أو ضاق عليه الوقت وأراد أن يتثبت من مسألة فلا بأس.
السائل: نأتي إلى الموضوع الأهم في حديثنا وهو ما ينتظره عدد كبير من الإخوة وهو أن نذكر نماذج لما يقتنيه طالب العلم من كتب. إن أذنتم لنا أن نبدأ بالتفسير وعلوم القرآن , هل يمكن أن نقول لطالب العلم مجموعة من النماذج لما يقتنيه طالب العلم من هذه الكتب؟
الشيخ: في المقدمة التي قدمناها ذكرنا أن الكتب كثيرة جدا لا يمكن الإحاطة بها وأن الإكثار منها أيضا على حساب التحصيل , وأنه عائق عن التحصيل , لكن على طالب العلم أن ينتقي ما يفيده. ويُعْنى بهذه الكتب بطبعاتها المتميزة المعروفة لدى أهل العناية , ويسأل قبل أن يقتني عن الطبعة المناسبة , فكم من كتاب طبع مرارا وهو مشتمل على التحريف والتصحيف والنقص والزيادة أحيانا من بعض النساخ , أو إدخال بعض الحواشي في الكتاب مما تزفه هذه المطابع التي لا تعتني بالإخراج العلمي الصحيح.
على طالب العلم في البداية أن يعتني بهذا الأمر لئلا يضطر أن يشتري الكتاب مرة ثانية وثالثة ورابعة لأنه وجد في هذا الكتاب من الخلل كذا وفي هذا من الخلل كذا.
اتصال هاتفي:
معنا فضيلة الدكتور عبد المحسن العسكر.
السائل: هل لديكم تعليق؟
الشيخ عبد المحسن: أولا أشكر بادئ الرأي إذاعة القرآن في برامجها الثمينة وطرحها المميز القيم وهذا الموضوع عن الكتاب شؤونه وشجونه أقول: قد طرق فضيلة الشيخ عبد الكريم جوانب عدة من الموضوع وغني عن البيان أن نفصح عن قيمة الكتاب. الكتاب في الحقيقة هو لذة العالم وأنيس الجليس وسلوة الغريب. أقول إن العلماء لا يملكون ثروة ولكن ثروة العالم مكتبته وريحانته كتابه وقد قرأت في كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي رحمه الله قوله: (ومع ما في الكتب من المنافع العميمة والمفاخر العظيمة فهي أكرم مال وأنفس جمال والكتاب آمن وجليس وأسر أنيس وأسلم نديم وأنصح كليم) ثم روى الخطيب رحمه الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى " وكان تحته كنز لهما " قال اختلف أهل التأويل في ذلك الكنز فقال بعضهم كان صحفا فيها علم مدفون وقالوا ما كان ذلك ذهبا ولا فضة قال صحفا وعلما , وعلق الحسن بن صالح على ذلك: " و أي كنز أفضل من العلم ".
الذي أريد أن أقول فيه القول وأدلي فيه بدلوي مع فضيلة الدكتور هو العلاقة بين طالب العلم والكتب القديمة. أو الكتب في طباعتها الأولى فكلنا يعلم أن الثورة الطباعية لنشر الكتب في عالمنا الإسلامي والعربي إنما كان قبل قرن ونصف تقريبا , أنا لا أريد بداية الطباعة ولكن أريد الانفجار الطباعي الذي قام في منتصف القرن السالف والذي قام بهذا العمل الطباعي وقام على نشر تلك الكتب وتصحيحها في ذلك الزمان علماء كبار بل كانوا من فحول العلماء. لهم نصيب في نشر العلم ولهم مصنفات وكانوا علماء في اللغة والفقه والأصول. كان في مصر مثلا الشيخ محمد العدوي , والشيخ طه محمود , والشيخ نصر الهوريني , والشيخ إبراهيم الدسوقي , والشيخ إبراهيم الفيومي , والشيخ محمد الغمراوي , والشيخ محمد الحسيني , والشيخ محمد البلبيسي , والشيخ سيد بن على المرصفي , وكان في العراق ممن قام على نشر كتب السلف وعلومهم , والشيخ محمد شكري بن عبدالله الألوسي , وفي الشام الشيخ محمد جمال الدين القاسمي. أقول إن هؤلاء العلماء وأضرابهم هم في الحقيقة الذين أخرجوا للناس الكتب ونشروا فيهم آثار السلف في الحديث واللغة والفقه والتاريخ والأدب وغير ذلك من فنون الإسلام , لا يمتري أحد في أن ما أخرج هؤلاء أصح نصاً , فهؤلاء أعلم من غيرهم وأدرى بأساليب المصنفين , لأنهم علماء , وكان الواحد منهم يعكف على الكتاب الواحد سنين عدداً , يدقق ويتحرى ويصحح , هذا " تاج العروس " في طبعته الأولى وأجزائه العشرة الضخام أخرجه رجل واحد ,
¥