[قبل أن تتكلم في شخص .. اقرأ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.]
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[15 - 01 - 09, 01:45 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد ..
فإن أعراض الناس ليست هينة، بل حفظ العرض من المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية الغراء، ومن المصائب التي عمت في زماننا انتشار الطعن في الأعراض، وأعظم منها: فلسفة ما بالقلوب من الأمراض!
فهذا يدعي أن نصحه لله تعالى، وأنه مشفق على الأمة من ضلال هذا الرجل – زعم – وهذا يقول كيت وكيت، وما أبرىء نفسي!
ولئن صدق في ذلك واحد فقد كذب مئة، بل هدفهم في ذلك أغراض انطوت عليها صدورهم التي امتلأت حقدًا وحسدًا وبغضًا وغلًا، لكنهم اتخذوا من النصح ستارًا، والحق أنهم لبسوا من اللؤم رداءً وإزارًا!
ولا أنكر أن تحذير الأمة من الضال المبتدع أمر مشروع بل واجب، لكن كغيره من الواجبات الشرعية له أركان وشروط وفقه، ولم يرد الشارع الحكيم أن يصبح هذاالواجب ألعوبة بيد الأغمار، أو بأيدي من أفنوا في الغيبة الأعمار، بل أناط هذا الواجب بأهل العلم والديانة، فهم المبرءون بإذن الله من تعمد الجور والخيانة.
أضف إلى ذلك ما وضعه الشارع من شروط، عصمة لأهل الحق من البخس والشطوط.
ولقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في حديثه عن تبيين بدعة المبتدع ونحو ذلك (مجموع الفتاوى ج28 ص219 – 238) بعضًا من هذه الشروط أردت أن أنقلها إلى إخواني الكرام بنصها؛ لينهجوا نهج الحق والسداد، والله الموفق إلى سبل الهدى والرشاد.
1 – الإخلاص:
وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه اللّه تعالى لا لهوى الشخص مع الإنسان: مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية، أو تحاسد، أو تباغض، أو تنازع على الرئاسة، فيتكلم بمساوئه مظهرا للنصح، وقصده فى الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه، فهذا من عمل الشيطان و " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى "، بل يكون الناصح قصده أن اللّه يصلح ذلك الشخص، وأن يكفى المسلمين ضرره فى دينهم ودنياهم، ويسلك فى هذا المقصود أيسر الطرق التى تمكنه.انتهى.
وقد ذكر شيخ الإسلام أغراضًا لذوي النفوس المريضة، ومنها:
* فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، لكن يري أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه، فيري موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم.
* في قالب ديانة وصلاح، فيقول: ليس لي عادة أن أذكر أحدًا إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله. ويقول: والله إنه مسكين، أو رجل جيد؛ ولكن فيه كيت وكيت. وربما يقول: دعونا منه، الله يغفر لنا وله، وإنما قصده استنقاصه وهضمًا لجنابه. ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقًا، وقد رأينا منهم ألوانًا كثيرة من هذا وأشباهه.
* ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه، فيقول: لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان، لما بلغني عنه كيت وكيت، ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده. أو يقول: فلان بليد الذهن قليل الفهم، وقصده مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه.
* ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين: الغيبة، والحسد. وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح؛ ليسقط ذلك عنه.
* ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب، ليضحك غيره
باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به.
* ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب، فيقول: تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت؟! ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت؟ وكيف فعل كيت وكيت؟ فيخرج اسمه في معرض تعجبه.
* ومنهم من يخرج الاغتنام، فيقول: مسكين فلان، غمني ما جري له وما تم له، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به، وربما يذكره عند أعدائه ليشتفوا به. وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه.
* ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول، وقصده غير ما أظهر. والله المستعان.
2 – التثبت والحذر من الافتراء:
¥