تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فبانشغال غالب العلماء والطلاب أيضاً بالوظائف أو الدراسة النظامية لم يعد يتسنى لكثير منهم إلا بعض الدروس الأسبوعية مما يطيل أمد التحصيل جداً لدى الطلاب، فما كان علماؤنا الأوائل يحصلونه في شهر بالدروس اليومية، لا يتسنى للطلاب اليوم تحصيله إلا في عدة سنوات، ولنضرب لذلك مثالين يتضح بهما حجم هذه المعاناة:

المثال الأول: (كتاب التوحيد) فلو تفرغ المعلم لتدريسه ساعة كليوم لأتمَّه في أقل من شهرين، ولكنه يحتاج إلى عدة سنوات لإتمامه بالدروس الأسبوعية.

المثال الثاني: (زاد المستقنع) حيث يمكن الطالب إتمامه بالدراسة اليومية في أقل من سنة، لكنه لا يمكنه إتمامه بالدراسة الأسبوعية في أقل من خمس عشرة سنة.

فتأمل هذين المثالين وقس عليهما بقية المتون العلمية، ثم تأمَّل آثار هذا التأخر على الطلاب وعلى الأمة.

ب: العشوائية في الطلب

إن عدم وضوح منهج الطلب لدى كثير من الطلاب المبتدئين، وما يرونه من طول أمد التحصيل جعل كثيراً منهم يتنقلون بين المتون والدروس والشيوخ بعشوائية تفني الأوقات، وتهدر الطاقات، ولا يجنون سوى ثقافة عامة غير مكتملة في العلوم الشرعية لا يصح الاعتماد عليها، بل ربما كان ضررها أكبر من نفعها.

وقد قيل: (إنما يفسد الدنيا ثلاثة أنصاف: نصف فقيه، ونصف طبيب، ونصف نحوي؛ فالأول يفسد الأديان، والثاني يفسد الأبدان، والثالث يفسد اللسان)؛ فيتصدَّر الطالب قبل أوانه، ويفتي قبل إِبَّانه، فيجني على الأمة جناية كان بالإمكان تفاديها لو استشعر عقلاء الأمة مسؤوليتهم.

ج: التلقي عن غير المتمكنين

فمع ما تقدم من صور ما يعانيه الطلاب اليوم تجد كثيراًمنهم يتلقى عمن تصدر ولم يعرف بالتمكن والإتقان، فأنتج لهم ذلك خللاًكبيراً في تصور المسائل، أدَّى ببعضهم إلى تبني أفكار ضالة، وارتكاب أهوال جسيمة، جنت على الأمة ما جنت، وأوهنت منها ماأوهنت.

د: الهجمة الشرسة على مناهج التعليم

إن أعداء الأمة قد أدركوا ما لم يدركه بعض أفرادها من عظيم خطر العلم، وكبير قدره، فحاربوا الأمة في مناهجها حرباً شرسة، بغية إفساد ناشئتها وسلبهم هويتهم الدينية، وجعلهم يلهثون وراء ما يزينونه لهم من زخرف القول، ويغرونهم به من السراب الذي يحسبه الظمآن ماء، مما يجعل شبابنا أقل خطراً عليهم، وأسهل انقياداً لهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويعلي كلمته، ويعصم طائفة من هذه الأمة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.

فيجب على عقلاء الأمة إعطاء هذا الأمر جديته، والنظر في سبل تطوير وسائل التعليم الشرعي، ومعالجة ما يعترضها من معوقات وصعوبات وخدمتها بمستجدات الوسائل والتقنيات.

الحل

إن تطوير التعليم الشرعي وخدمته بوسائل التقنية الحديثة، وتذليل الصعوبات للطلاب، ومعالجة سلبيات الطلب الحالية ضرورة ملحة على الأمة، فينبغي لكل من وجد في نفسه قدرة على الإسهام في ذلك أن يبذل جهده في إنتاج ما يفيد طلاب العلم ويعجِّلُ تأهيلهم وإعدادهم، مع مراعاة الرجوع لأهل العلم والفضل واستشارتهم في ذلك حتى لا يكون التعليم الشرعي ضحية الاجتهادات الفردية الخديجة.

فالأمة بحاجة إلى عدد من المنتجات التطويرية لتجاوز أزمة ضعف التأهيل العلمي.

وهذا المشروع الذي بين أيديكم الآن هو نتاج عمل مؤسسي دام بضع سنين حتى خرج بهذه الصورة التي ترونها فأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يتقبله بقبول حسن ويبارك فيه، وأن يعين على إتمام ما تبَّقى من المشاريع التعليمية وينفع بها عباده في مشارق الأرض ومغاربها.

كلمة شكر

ولا يفوتني أن أشكر إخواني وأخواتي أعضاء هيئة الإعداد العلمي وأعضاء هيئة التنسيق وغيرهم على ما بذلوا من الجهد وأفنوا من الوقت وما عانوا لإنجاح هذا العمل العلمي

فاللهَ أسألُ أن يكتب لهم بكل حرف حسنات عظيمة مضاعفة أضعافاً كثيرة إنه كريم وهاب، وأن يبارك لهم في أعمالهم وأوقاتهم، وأن ييسر لهم سبل الخير حيثما كانوا، وأن يحفظهم بحفظه إنه خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

وكتبه:

الفقير إلى عفو ربه ومرضاته

عبد العزيز الداخل

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[31 - 01 - 09, 01:22 م]ـ

ماذا قالوا عن هذا المعهد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير