تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من المعلوم أن العمل بلاعلم ضلالٌ وأنها من دأب النصارى خذلهم الله بل لابد أن تجتمع في السائر إلى الله والدار الآخرة بقوتين وهما القوة العلمية والقوة العملية.

تشبيه العلم بالطريق والعمل بالسير:

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك فيقصدها سائرا فيها ويتجنّبها أسباب المهالك ومواضع العطب وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصول فقوته العلمية كنوز عظيم بيده يمشى في ليلة عظيمة مظلمة شديدة الظلمة وهو يبصر بتلك النور ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوهاد والمتالف ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره ويبصر بذلك النور أيضا أعلام الطريق وأدلّتها المنصوبة عليها فلا يضل عنها فيكشف له النور عن الأمرين أعلام الطريق ومعاطبها.

بالقوة العملية يسير حقيقة فإن السير هو عمل المسافر وكذلك السائر إلى ربه إذا أبصر الطريق وأعلامها وأبصر المعاشر والوهاد والطرق الناكبة عنها فقد حصل له شطر السعادة والفلاح وبقي عليه شطر الآخر: وهو أن يضع عصاه على عاتقه ويشمر مسافرا في الطريق قاطعا منازلها منزلة بعد منزلة فكّلما قطع مرحلة استعدّ لقطع الأخرى واستشعر القرب من المنزل فهانت عليه مشقة السفر وكلما سكنت نفسه من كلال السيرومواصلة الشد والرحيل وعدها قرب التلاقي وبرد العيش عن الوصول فيحدث لها ذلك نشاطا وفرحا وهمة.) اهـ[طريقُ الهجرتين وباب السعادتين ص209].

قلت: رحم الله ابن القيّم فقد كان عالما عاملا بعلمه ربّانيا -- والرباني هو من علِم وعمل وعلّم فذاك يدعى في ملكوت السماوات --- كثير العبادة والجهد يقول عنه صاحبه الإمام المفسّرالمؤرّخ ابن كثير رحمة الله عليه: وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد لا يحسد حدا ولا يؤذيه ولا يستعيبه ولايحقد على أحد وكنت أصحب الناس له وأحب الناس إليه ولا أعرف في هذاالعالم في زماننا أكثر عبادة منه وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ويمد ركوعها وسجودها ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله) اهـ[البداية والنهاية14/ 232 - 233].

كتبه/ جامع بن عبد الله الهيراني الصومالي

ـ[جامع الهيراني]ــــــــ[28 - 03 - 09, 08:27 م]ـ

وقال الحافظ ابن رجب في "الطبقات الحنابلة4/ 369"؛ (وكان رحمه الله ---يعني ابن القيّم ---ذاعبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى وتأله ولهج بالذكر وشفف بالمحبة والإنابة والإستغفار والإفتقار إلى الله والإنكسار له والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علما ولا أعرف بمعاني القرآن والسنْة وحقائق الإيمان منه وليس هو المعصوم ولكن لم أر في معناه مثله — إلى أن قال — وكان في مدة حبسه مشتغلا بتلاوة القرأن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ,,)).

فائدة:

نقل ابن عبد البر في التمهيد والذهبي في السير أن عبد الله العمري العابد كتب إلى مالك يحضّه إلى الإنفراد والعمل فكتب إليه مالك؛ إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الجهاد ونشر العلم من أفضل أعمال البر وقد رضيت بما فتح الله لي من ذلك وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر)).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير