تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن أكثر ممن نعرف معرفة شخصية من بعض (الأحزاب الجديدة) في تجريحهم لبعض الأحزاب الأخرى، انتقدوا عليهم تعظيمهم لشيوخهم لدرجة التقديس , ونحن معهم في هذا الانتقاد , لأن الشيخ بشر يصيب ويخطئ , وليس مقدسا ولا صاحب ذات معصومة لا يحق لنا انتقادها في آرائها وفتاواها عندما نكون مؤهلين للكلام.

والإخوة السلفيون يعتبرون هذا من الغلو المفضي إلى الشرك بالله تعالى، لأن فيه لونا من تعظيم المخلوق بتصرفات لا يستحقها.

لكن ويا للعجب , يقع هؤلاء في صورة من أوضح صور ما يعتبرونه شركا , بغلوّهم في شيوخهم , ورفعهم إلى درجات النبوة والعصمة في الآراء والفتاوى , وفي رفض كل المناهج والفتاوى المغايرة لهم!! ..

وإذا حاورت رجلا منهم وانتقدت فتوى من فتاوى شيوخهم , سلُّوا عليك سيف التبديع والتفسيق والتجريح , واتهموك بأن علمك منقوص , وأنك لم تطلب العلم من مصادره وأنك خارجي جاهل مهترئ محترق ... , حتى لو كنت حاصلا على ألف إجازة علمية , ولو رويت جميع كتب السنة بإسنادك الشخصي!!

فالغلو في العلماء والصالحين هو أن ترفعهم إلى درجة التشريع والعصمة , حتى لو لم تقل ذلك بلسانك , فالأفعال كافية في وضوح هذا التوجه عند الأغلبية الكاسحة من هؤلاء.

إنهم يجعلون فتاوى شيوخهم واجتهاداتهم فقط - دون اجتهادات باقي علماء الأمة - , هي معيار قبول السنة نفسها , فلا يقبلون حديثا إلا لو صححه فلان العالم السلفي .. ولا فتوى إلا لو صدرت عن فلان الشيخ السلفي , ولا كتابا إلا لو أثنى عليه فلان الفهامة السلفي , وكأن هذا أو ذاك حجة على المسلمين , وأن اجتهاداتهم تهدم وتلغي اجتهادات غيرهم من علماء الأمة!!

أليست هذه صورة من صور الغلوّ في العلماء؟

أليس هذا هو المفهوم الحقيقي لاحتكار الصواب ومصادرة عقول الناس وأفهامهم؟

وقد يقول البعض: إن هؤلاء فقط يقبلون آراء علمائهم كما يقبل غيرهم آراء العلماء الآخرين , أقول لهم: هذا حق , لكن غيرهم يقبلون من شيوخ السلفيين كما يقبلون من شيوخهم , لكن هؤلاء يعظمون رأي شيوخهم على كل رأي واجتهادهم على كل اجتهاد , ولا يقبلون فتوى ولا رأيا إلا إذا كان موافقا لما عليه شيوخهم.

وفي حالة صدور فتوى أو عمل من الأعمال عن أحد العلماء والشيوخ السلفيين يخالف منهج السلفيين في أصولهم الثابتة عندهم وفي قواعدهم التي ميّزوا أنفسهم بها عن بقية المسلمين , تجدهم يدورون ويلتفون لإثبات أن شيخهم لم يخالف ولم يخطئ , وتجدهم يسلكون مسلك التبرير ويحاولون البحث عن وجه من وجوه الاجتهاد ينقذ شيخهم مما قد يقال فيه , وتراهم في تبريرهم هذا يلجؤون إلى نفس الوسائل التي حكموا بسببها على غيرهم بالخطأ.

وتتعجب حين تراهم عندما يخالفونك في حكمِ مسألة وتخبرهم أنها اجتهاد من فلان أو فلان من كبار العلماء , يقولون لك (لا تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف أهله).

ثم يردون عليك بفتاوى شيوخهم , لتتحول هذه المقولة بواقع الحال إلى (لا تعرف الحق برجالك ولكن اعرفه برجالنا)!!

وهذا بعينه هو الغلو الذي يحذرون الناس منه في كتبهم وأشرطتهم وحلقاتهم , وهو – عندهم قبل غيرهم - صورة من صور الشرك الخفي التي يختفي الشرك وراءها , ويضفي على رأي الشيوخ هالة من القداسة تتضح في أفعال أتباعهم بدون أن تصدر من أفواههم.

في الحديث الصحيح: ((قدم عدي بن حاتم على النبي ,صلى الله عليه وسلم وقد جاء عدي وهو نصراني فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: ?اتخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أربابا من دون الله والمسيحَ بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون? , قال: فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه، قال: قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم)).

فهذه الصورة مطابقة تماما لصورة الغلو في العلماء ومنهجهم , فيُصِرُّ الإنسان على أن شيوخه على الحق المحض ولا يحيدون عنه وغيرهم على الباطل المحض ولا يُقبل منه.

وهم يحاولون ويسعون جاهدين إلى أن يلوي أحدهم عنق الحقيقة ليجعلها تابعة لشيوخه لا متبوعة منهم.

و أقول لهؤلاء , انتبهوا فقد وقعتم فيما تكفّرون به غيركم!!

وسينتهي بكم المطاف إلى انتهاج التكفير لكل المجتمع ولكل الناس طالما خالفوكم.

ونصيحتي لكم: ألاّ تعرفوا الحق بالرجال , ولكن اعرفوا الحق تعرفوا أهله.

ـ[ابن همام المنصورى]ــــــــ[02 - 02 - 09, 02:32 م]ـ

جزاك الله خيرا اخى على هذا الموضوع الموفق فى هذا الوقت

وأضيف الى اسباب الغلو ايضا عدم معرفة الكثير منا بكبار اهل العلم ولا بسيرهم فيظن الواحد ان شيخه والذى لا يتعدى فى احسن الاحوال انه طالب علم يظن انه علامة الدنيا ولاغيره ولا قبله ولا بعده وما مشكلته الا انه لم يعرف العلماء ولم يقابل العلماء فظن شيخه هو العالم الاوحد

اسأل الله ان يبارك فيك ويرزقنا العلم والادب والاعتدال فى الامر كله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير