ـ[سلة الخيرات]ــــــــ[02 - 02 - 09, 02:32 م]ـ
إن ما نراه من تعصب لأقوال الرجال وغلو في العلماء وتقديم أقوالهم على الكتاب والسنة من المسائل التي تتعلق بالتوحيد.
وهذه مسألة خطيرة جداً، ما وجدت في قوم إلا أهلكتهم، وهي تنافي كمال التوحيد، وقد تصل ببعض الأفراد إلى الكفر "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً" (التوبة: من الآية31).
وقد حذر ابن عباس من عاقبة هذا الأمر، فقال:"يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،وتقولون: قال أبو بكر وعمر"
(انظر فتح المجيد ص 393 وص 395).
وكذلك نبه الإمام أحمد لهذه المسألة بقوله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، ويذهبون إلى رأي سفيان، والله -تعالى- يقول:" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (النور: من الآية63)، أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن:
والأئمة -رحمهم الله- لم يقصروا في البيان، بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة؛ لعلمهم أن من السنة شيئاً لم يعلموه وقد يبلغ غيرهم، وذلك كثير كما لا يخفى على من نظر في أقوال العلماء
(فتح المجيد ص 398).
والمقصود أن هذه مسألة مهمة يجب أن يوليها العلماء وطلاب العلم عناية خاصة، وأن يربوا طلابهم على اتباع الدليل لا تقليد (التقليد منه جائز ومذموم وليس هذا مكان تفصيل ذلك.) الأشخاص والتعصب لهم والانتصار لآرائهم، فقد عانت الأمة من الحزبية والتعصب والغلو، وآثار هذا الأمر غير خافية.
والغلو باب خطير تلج عن طريقه كثير من الشرور، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من هذا الأمر، فقال في الحديث الصحيح: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله " (أخرجه البخاري (4 - 142).).
وفي حديث أنس عندما قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:أنت سيدنا وابن سيدنا، قال: " قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان"
وقال صلى الله عليه وسلم:"إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو"
(أخرجه أحمد (1 - 215، 347) والنسائي رقم (3057). والحاكم (1 - 466). وابن ماجة رقم (3029) وصحح إسناده على شرط مسلم شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء ص (106) وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة رقم (1283).
ولما كان العلماء غير معصومين عن الخطأ والوهم، فإن الواجب اجتناب زلاتهم، وعدم الاقتداء بهم فيها، وقد حذر السلف من زلة العالم .. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، وجدال منافق، وأئمة مضلون (أخرجه الدارمي بسند صحيح 1/ 71). وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة ضلالة على لسان الحكيم (أخرجه أبو داود بسند صحيح). وقال ابن عباس رضي الله عنه: ويل للأتباع من زلة العالم. قيل: وكيف؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول الله فيخبره فيرجع، ويقضي الأتباع بما حكم (أخرجه ابن عبدالبر في الجامع بسند حسن 2/ 112).
وقد أجمع أهل العلم على تحريم تلقط الرخص المترتبة على زلات العلماء، قال سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع الشر كله، وعلق ابن عبدالبر على ذلك بقوله: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً (جامع بيان العلم وفضله 2/ 91 - 92). وقال الأوزاعي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام (سير أعلام النبلاء 7/ 125). وتربية الناس على التوحيد والعبودية المطلقة لله هو المخرج من هذه الأمراض والمصائب.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[أبوعبدالله الحميدي]ــــــــ[02 - 02 - 09, 08:49 م]ـ
2. حصر العلم والفضل على بعض أهل العلم، ولعلي أورد مثالاً:
مع علم كل منصف بفضل بعض المشايخ، إلا أننا نسمع ممن يوصف بالعلم فضلاً عن العامة يصرح بأنه لا أحد بعد وفاتهم، ولا أدل على هذا من بعض من حاضر في سيرتهما التي توالت طيلة هذه السنين والقصائد التي كتبت، وفيها غلو ظاهر.
* هل رأيت يوماً أحداً من أهل العلم ألف رسالة وعارض فيها قولاً لأحد المشايخ (ربما كان نادراً جداً)، مع العلم أنه ألفت رسائل في رد أقوال كثير من أهل العلم والفضل المعاصرين وصرح بأسمائهم، وإذ أتيت على هذا المثال فليس لي غرض – وأشهد الله على هذا – من انتقاصهم أو التقليل من قدرهما، وإني مقر بأني لست في مصاف طلاب طلابهم، لكنه كان مثالاً عابراً حين شرعت في كتابة الموضوع.
تصرف المشرف بهذا الموضوع تصرفاً غير محمود له، فجعل الكلام ملتبساً، فأرجو أن يصلحه ويجعله كما كان، وأرجو أن لا يتكرر مثل هذا، وأخشى أن تكون هذه إحدى صور الغلو.
¥