الشيخ عمر: جزاكم الله يا شيخ عبدالكريم , وبارك فيكم. شيخنا الكريم هذه الثورة الطباعية التي نعيشها اليوم , حتى لو قال قائل: إنه لو دخل المكتبة يومياً لوجد جديداً , أليس هناك نية لعمل أو إيجاد مركز معلومات يعتني بالرصد الدقيق لما نشر قديماً , وما ينشر حديثاً , بحيث يستخدم في هذا كل إمكانيات الفهرسة الممكنة لخدمة الباحثين , ولعل في هذا معالجة لمشكلة تعرض لها شيخنا من قبل في الحلقة السابقة , وهي الترف الحاصل من بعض طلاب العلم في تتبع الطبعات , التي قد لا يكون من جمعها كبيرفائدة , وفي الوقت نفسه تسد حاجة المعوزين من طلاب العلم الذين لا يستطيعون شراء ما يريدون , ولعل أيضاً في إيجاد مثل هذا المركز يكون فيه مساندة مع العمل الذي يقوم به الشيخ يوسف الخلاوي في موقع " ثمرات المطابع " لأنكم تعلمون أن جانب الإنترنت ليس كل الباحثين يتيسر لهم التعاون معه , بل بعضهم , وليسوا بالقليل لا يحسنون التعامل مع هذه الوسيلة.
السائل: هل ترون قيام المؤسسات بها أولى؟
الشيخ عمر: بلى , لكن في تقديري أنه إذا تنادى المهتمون بهذه الجوانب , بحيث تكون تحت مظلة إحدى المراكز , بحيث يكون هناك تبادل معلومات قوي ودقيق ييسر هذا بإذن الله هناك نقطة أخرى إذا أذنتم لي , وهي مسألة توثيق الكتاب إلى مؤلفه , يعني يلاحظ هناك إغراق من بعض الباحثين , أوتعمد الإطالة في ذكر ذلك , وربما يكون الكتاب مشهوراً لمؤلفه حتى لا يحتاج إلى هذا , فما أدري ما ضابط نسبة توثيق الكتاب إلى مؤلفه؟ هل هذا من الترف أم هو في حاجة إلى بعض المواطن , وفي بعض المواطن لا , و شكر الله لكم.
الشيخ: جزى الله أخانا الشيخ عمر على ما قدمه خيراً , أما بالنسبة لمركز المعلومات والرصد ونفع الباحثين وتمييز الغث من الثمين , فهذا مطلب لا شك أنه ملح , ويحتاجه طلاب العلم , ومثل ما تفضلتم , ينبغي أن تتبناه جهه رسمية , لكن هذه الجهات إذا اقترح عليها , تحتاج إلى من ينبهها إلى مثل هذه الأمور , ولا تتأخر إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة للتوثيق لنسبة الكتاب إلى مؤلفه , هذا لا شك أنه إذا كان الكتاب مطبوع لأول مرة وغير مشهور , فلا بد من التوثق من نسبته إلى مؤلفه , ووجد وطبع كتب نسبت إلى غير مؤلفيها , مثل " الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن " هذا نسب إلى ابن القيم.
السائل: باعتبار أن له كتاب اسمه " الفوائد " يا شيخ؟
الشيخ: له كتاب " الفوائد " لا شك , لكن " الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن " كله مبني على المجاز.
السائل: المجاز لا يراه ابن القيم.
الشيخ: نعم و سماه طاغوت في " الصواعق " , وهذا الكتاب يختلف تماماً عن نَفَس ابن القيم. ومثله كتاب " أخبار النساء " نسب لابن القيم , وليس لابن القيم , المقصود أن هناك كتب نسبت إلى غير مؤلفيها , وكتب لمؤلفيها سميت بأسماء كتب أخرى , فلا بد من التثبت , لكن الزيادة التي تطغى على المقاصد , هذه لا شك أنها مهمة لكنها تطغى على مقاصد , وتعوق دون تحصيل الفائدة , وتشغل حيز كبير من الكتاب ومجرد تثبت نسبة الكتاب إلى مؤلفه بالطرق المتبعة عند أهل العلم يكفي.
الشيخ: نعود إلى جامع أبي عيسى الترمذي , هو من الجوامع المعروفة المشهورة عند أهل العلم عني به العلماء قديماً وحديثاً , له شروح كثيرة منها " عارضة الأحوذي " لابن العربي المالكي , عارضة الأحوذي هذا كتاب جيد متوسط الحجم , لأبي بكر ابن العربي المالكي يُعنى بالمسائل الفقهية , وإن كان لا يغفل بعض الكلام اليسير المختصر على لطائف الإسناد وما أشبه ذلك , لكن سوء الطباعة حال دون الإفادة منه , طبع في مطبعة الصاوي والتازي طبعات سيئة للغاية. وعندنا في نسختنا التصويب أكثر من الكتابة , وفيه إسقاط أحاديث بشروحها , وفيه إدخال كلام ليس لابن العربي , فيه إقحام لكلام ليس للترمذي. هم أرادوا طباعة الكتاب فاستعاروا نسخة أحمد شاكر من جامع الترمذي , والشيخ أحمد شاكر له تعليقات على نسخته خرج بعض الأحاديث , فأدخلوها في الكتاب , ومن هذا تعرف قيمة هذه الطبعة. فالكتاب - أعني عارضة الأحوذي - لو يُبحث عن نسخ له , ويحقق ويخرج على مراد المؤلف, ويعلق على ما فيه من مخالفات عقدية يسيرة , لكان الكتاب يسد ثغرة , وإن كان لا يفي بالغرض , لكنه نافع , فيه فوائد ولطائف لا توجد
¥