تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من درر الشيخ محمد حسان - حفظه الله-]

ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[22 - 03 - 09, 10:26 م]ـ

خطر التعالم

سؤال"

{قد انتشر في الآونة الأخيرة أُناس ادعوا العلم يا شيخ، فنريد منكم حفظكم الله توضيح مظاهر هذا الخطر الجسيم الذي يهدد الأمة الإسلامية بأسرها مع التنويه على كيفية تجنب أمثال هؤلاء من مدعي العلم، وجزاكم الله خيرًا}

جزاك الله خيرًا، هذا سؤالٌ في غاية الأهمية، والتعالم لا شك مرض العصر، التعالم مرض العصر وداءٌ خطير، وعتبة الدخول الجائرة الفاجرة ألا وهي القول على الله بغير علم، نرى كثيراً من المتعالمين ممن ادعوا العلم قبل أن يتعلموا، هذا هو التعالم، وبالغوا قبل أن يبلغوا، وتذببوا قبل أن يتحصرموا، فنرى من أخطر مظاهر التعالم الآن، وأنا أحذر إخواني وطلابي من هذا المرض العضال، بل وأحذر نفسي ورب الكعبة، من أخطر مظاهر التعالم أن ترى الآن جرأة رهيبة على الفتوى.

لو تتبعت الفضائيات انقلب إليك بصرك خاسئًا وهو حسير، ترى جرأة على الفتوى في المسائل التي لو عرضت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع له أهل بدر، تسمع على فضائية من الفضائيات من يقول السماوات ليست سبعًا، وتسمع من يقول ليس هناك ما يُسمى بالهجرة، وتسمع من يقول ويقول ويقول حتى قال رجل في مسألة حينما سئل هكذا باللغة الدارجة قال "أصل النبي ماكنشي واخد باله"، خلل، فتلمح الآن جرأة على الفتوى في المسائل العويصة التي لو عُرضت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر.

تعالم أن يدعي الإنسان العلم قبل أن يتعلم، لا يعرف مرتبة الدليل، ولا يعرف مناط الدليل، ولا يعرف أن يفرق بين المجمل والمبين، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، وتراه يتجرأ على الخوض في كتاب الله تعالى، أو في مسائل الأصول الكبار، قد يقع في التكفير، وقد يقع في التفسيق، وقد يقع في التبديع، وهو لا يحسن أن يفرق بين الدليل ومناطه، بين الدليل ومراتبه، فأنا أقول الدليل ليس منتهى العلم يا أخي، بل لابد من فهم العلم، ولذلك نرى البخاري رحمه الله تعالى في كتاب العلم يترجم بابًا فقيهًا بعنوان "باب الفهم في العلم"، ومن جميل ما قاله ابن القيم "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديمًا وحديثًا".

فالجرأة على الفتوى من أسوأ مظاهر التعالم، وهي منتشرة جدًا الآن بين كثيرٍ من المنتسبين إلى العلم الشرعي.

يا أخي عبد الله بن عمر نجمٌ في سماء العلم، يأتيه سائلٌ فيقول له: يا ابن عمر أترث العمة؟ فيقول ابن عمر اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول السائل: أنت يا ابن عمر تقول اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول: نعم والله ما أحسن جواب مسألتك، فانصرف السائل، فقبل عبد الله بن عمر يد نفسه، ثم قال لنفسه: نعم ما قال أبو عبد الرحمن سئل عن ما لا يدري فقال لا أدري.

وإذا ذُكر العلماء فمالك بن أنس إمام دار الهجرة نجمٌ ثاقب في سماء العلم، يقول تلميذه الشافعي: صحبتُ مالكًا فسئل في ثمانٍ وأربعين مسألة أنا لا أدري.

وإذا ذُكر العلماء فالشافعي نجمٌ ثاقب، يقول إسحاق بن راهويه، قال لي أحمد بن حنبل تعالى يا إسحاق أريك رجلا بمكة ما رأت عيناك مثله، قال: فأراني الشافعي، قال إسحاق: فناظرت الشافعي في الفقه فلم أر أفقه منه، فناظرته في اللغة فوجدته بيت اللغة، فناظرته في الحديث فلم أر أعلم منه، والله لقد صدق أحمد فلم تر عيناي مثله، هذا الشافعي فيأتيه سائلٌ في المجلس فيسأله، فيسكت الشافعي، فيقول السائل أجب، فيسكت الشافعي، فيقول السائل في الثالثة أجب، فيقول الشافعي: انتظر يا أخي حتى أعرف هذا الفضل في سكوتي أم في جوابي.

هؤلاء هم العلماء، فمن أخطر مظاهر التعالم الجرأة على الفتوى، والعجب، والكبر، والغرور، واحتقار الناس، وازدراء الناس، وحفظ بعض المسائل للتأسد والتنمر بها على أقرانه في مجلس من مجالس العلم، يجلس في مجلس فيقول قاعدة من قواعد الأصول مثلا، يذكر قاعدة من القواعد، العمل بالظن لا يصح مادام العمل بالعلم ممكنًا، يعرف الشرط، نيته وهدفه أن يظهر للناس أنه على علم وأنه أعلم منهم.

والنبي صلى الله عليه وسلم كما في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وابن ماجة وغيرها بسندٍ صحيح من حديث كعب بن مالك (من تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار)، نعوذ بالله من الخذلان.

ـ[أحمد العامري]ــــــــ[23 - 03 - 09, 07:00 م]ـ

جزاك الله خيرا ....

وأسأل الله أن يجزي شيخنا العلاّمة محمد حسان خير الجزاء إنه ولي ذلك ومولاه

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير