اتحافُ الأدنى والأقصى بذكر بعض منْ بكتبهِ وصَّى
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[31 - 03 - 09, 12:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتحافُ الأدنى والأقصى بذكر بعض منْ بكتبهِ وصَّى
نواف بن محمد بن عبدالله آل رشيد
غاليةٌ هي الكُتبُ على جامعها؛ فتجده دوماً شديدَ العنايةِ بها، يُتمُّ نقصها، ويُرمِّم تالفها، ويحرِصُ على نادرها، يختارُ أفضل طبعاتها، يعتني في ترتيبها، يُفردُ مكاناً خاصَّاً لها، لا يستأنِسُ إلاَّ بقربها، يرحلُ لأقاصي البُلدانِ من أجلِ اقتنائها، يحزن لفقدِ أو تَلَفِ شيئٍ منها:
أجلُّ مصائبِ الرجلِ العليمِ ـــــ ,,,, ـــــ مصائِبهُ بأسفارِ العُلومِ
إذا فقدَ الكِتابَ فذاكَ خطبٌ ـــــ ,,,, ـــــ عظيمٌ قد يجلُّ عن العظيمِ
وكم قدْ ماتَ من أسفٍ عليها ـــــ ,,,, ـــــ أناسٌ في الحديثِ وفي القديمِ
يغتمُّ ويحزن إذا احتاج لبيعِها:
أنستُ بها عشرين حولاً وبعتُها ـــــ ,,,, ـــــ لقد طالَ وجدي بعدها وحنيني
وما كانَ ظني أنني سأبيعُها ـــــ ,,,, ـــــ ولو خلَّدتني في السُجونِ ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبْيَةٍ ـــــ ,,,, ـــــ صِغارٍ عليهم تستهلُّ شُؤوني
يبذلُ الغالي والرخيص والنادرِ والنفيس في جمعها:
وقائلةٍ أنفقت في الكتبِ ما حوت ـــــ ,,,, ـــــ يمينُك من مالٍ فقُلتُ دَعيني
لعلِّي أرى فيها كِتاباً يدلني ـــــ ,,,, ـــــ لأخذِ كتابي آمناً بيميني
ولربما حرمَ نفْسَهُ أو باعَ ضروريّات من أجلِ مُجلد!
يعرفُ ذلك جيِّداً من عَشِقَ جمع الكتاب، ولا أحسبني قد بالغتُ في هذا.
فتكونُ هي بستانَهُ ونزهتَه، وأُنسَهُ وفسحتَه.
واختلفت وصاياهم بها؛ فمنهم من لم يوصِ بها لأحد! ولم يعتنِ بها أهله فتبقى كُتبه حبيسةَ خِزانتهِ يعلوها التراب، والدارُ التي هي فيها دارُ إهمالٍ وخراب (1)، ومنهم من أوصى بها لإحدى المدارس، فاستفادَ منها الطالِبُ والدارس، ومنهم منْ أوقفها على أحد المساجد، فاستفادَ منها الراكِعُ والساجد (2)، ومنهم من أوصى بها لمكتبةٍ مُعيَّنة، واسمها في وصيتهِ مُبيَّنة (3)، ومنهم من في شأنها حار، فأوصى أن تُحرقَ بالنار (4،) ومنهم من أوصى بأن تُدفنَ تحت الأرض، ذاتِ الطُولِ والعرض (5)، ومنهم منْ أوصى بها لطلبةِ العلمِ الشريف، المنصوص على فضلهم في مأثوراتِ ديننا الحنيف (6)، ومنهم من في البحر رماها (7).
ومنهم من أوصى بها لفردٍ مُعيَّن، وقد يكونُ اسمُهُ في الوصيَّةِ مُبيَّن.
وهو حديثنا في هذا المقالِ وقد رتبتهم حسب وفياتهم فمنهم:
? سليمان بن محمد بن أحمد النحوي البغدادي المعروف بالحامض ت 305 ه، أوصى بكتبه لأبي فاتك المقتدري قال ابنُ خلكان: (ولمَّا احتضر أوصى بكتبه لأبي فاتك المقتدري) (8).
? علي بن النعمان ت 374 أوصى بكتبهِ لمحمد بن إسماعيل بن بزيع.
جاءَ في كتاب رجالُ النجاشي لأحمد بن علي النجاشي: ( .. وكانَ عليُّ بن النعمان وصَّى بكتبهِ لمحمَّد بن إسماعيل) (9).
? سُليمان بن عبدالله الزواحي أوصى بكتبهِ وأموالهِ لعليِّ بن محمّد الصليحي ت 459 ه جاءَ في كتاب اللطائف السنية في أخبارِ الممالكِ اليمنية (ولمَّا حضرت الزُواحي الوفاة أوصى بجميعِ كتبه وما قدْ جمعه من المال للصُليحي) (10).
? نجيب الدين أبو محمد عبدالعزيز بن الأمير القائد أبي علي الحسن بن عبدالعزيز بن هلال اللخمي الأندلسي المولود سنة 577 تقريباً أوصى بكتبه للشرف المُرسي.
قال الإمام الذهبي في ترجمةِ اللخمي (قيل إنَّه أوصى بكتبهِ للشرف المرسي) (11).
? جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القِفطي ت 646 أوصى بكتبه للناصر صاحب حلب قال ابنُ شاكر الكتبي: (ولم يكن له دارٌ ولا زوجةٌ، وأوصى بكتبهِ للناصرِ صاحب حلب) (12).
? خليل بن محمد بن عبدالرحيم الأقْفهسي ت 820 أوصى بكتبه للحافظ ابن حجر ت 852 قال الحافظُ أبو الفضل محمد بن محمد ابن فهد المكي في ترجمة الأقفهسي: (وخلَّف جملة أجزاء وعدَّة كتب صار غالبها للحافظ شهاب الدين ابن حجر فانتفع بها وبثبته لأنَّه كانَ قبل سفرهِ من مكة أوصى بأن يُسلم جميع ذلك إليه) (13).
¥