تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قبله الرّسل وقد وصف أهل الكتاب بأنهم أهل الذّكر لأن الكتاب الذي أنزله الله جلّ وعلا هو الذكر فأعلى الذكر القرآن كما قال سبحانه {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وهنا في هذه الآية قال جلّ وعلا {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} قال العلماء: هذه الآية نازلة في سؤال أهل الكتاب ولكنّ عموم لفظها يشمل سؤال أهل القرآن وأهل السنة لأنهم أحق ببيان ما نزل الله جلّ وعلا ولهذا قال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين ليناس ما نزل إليهم} قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره عند هذه الآية وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم وإنّ أعلى أنواع العلم، العلم بكتاب الله المنزّل فإنّ الله جلّ وعلا أمر من لم يعلم بالرّجوع إلى أهل العلم وأهل الذكر في جميع الحوادث وفي ضمن ذلك تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر الله جلّ وعلا بسآلهم وأنه بذلك يخرج الجاهل من التبعة إذن الأصل موجود في كتاب الله وإنّ المرء إذا جهل شيئا ولم يعلم حكمه فإنه يسأل عنه أهل العلم وإذا سأل عنه أهل العلم: (أهل الكتاب والسنة الذين رسخت قدمهم في ذلك) فإنّ تبعته في ذلك تزول لأنه قد سأل مَنْ أمر الله جلّ وعلا أن يسأل فمن جهل شيئا وسأل عن حكمه فأفتاه ثبت فإنّ تبعته قد زالت وقد برىء من التبعة فإذا امتثل ما أفتى به فيكون قد زال عنه المحذور لأنّه امتثل ما أمر الله جلّ وعلا به في قوله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} سؤال أهل العلم وسؤال أهل الذكر له أحوال (الناس يحتاجون إلى أن يسألوا ولابد ولكن هذا السؤال من حيث هو له أحوال):

حال من جهة السائل وحال من جهة المسئول لنعلم جميعا أنّه حتى يصل المسئول إلى الجواب الموافق للحقّ إن شاء الله يجب على السائل أنْ يراعي آدابا وأن يراعي أشياء منها: أن تكون مسألته واضحة غير ملتبسة (يتبيّن المسألة قبل أن يسأل) والملاحظ أنّ من السائلين (المستفتين) مَنْ إذا طرأت على باله مسألة أو واجهته مشكلة فإنه يأتي أهل العلم ويسألهم مباشرة (دون أن يستحضر ويستعد لتفاصيل هذه المسألة) أو مباشرة يرفع الهاتف ويسأل العالم عما عرض له (دون أن يستحضر ما اتّصل بهذه المسألة) فإذا استوضح المسئول أو العالم وسأله عن بعض التفاصيل قال والله ما أعلم هذا فلان أوصاني أن أسأل له هذا كذا قال: ... فلابدّ للسائل أن يستحضر تفاصيل المسألة قبل أن يسأل لأنّه يسأل عن حكم الله جلّ وعلا الذي إذا أدركه أدرك الحكم والمسئول (العالم) الذي يسأل لابد أن تكون المسألة عنده واضحة وإلا فكيف يجيب على شيئ ليس بواضح؟ ولهذا ينبغي للسائل أوّلا أن يستحضر السؤال جيدا وأن يعدّ له في عبارة ملخصّة لا تظنّ أنّ المسئول (المفتي) طالب العلم (الذي تأهّل للجواب) لا تظنّ أن الذي يتصل عليه واحد فقط أو اثنين اليوم مع الهاتف صار الذي يتصل من الداخل أو الخارج بأهل العلم عشرات الآلاف (في السنة) وفي اليوم الواحد قد يتصل عشرين أو ثلاثين فلهذا كان من الأدب الذي ينبغي مراعاته أن يستحضر السائل ضيق وقت المفتي (ضيق وقت المجيب على السؤال) فعليه أنْ يعدّ السؤال بعبارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ويجتهد في أن يعين المفتي على وقته وحتى تكون المسألة أنفع يعني لا تظن أن هذا الذي أجابك أو ردّ عليك بالهاتف من أهل العلم أنه لك وحدك بل اعلم أنّ الذي يسأل أهل العلم في اليوم عشرات الناس يسألون في كل وقت فلابدّ من رعاية الحال والتأدبّ معهم في اختصار المسألة وتقبل الجواب بحسب ما أورد فإذا كانت المسألة واضحة كان الجواب واضحا ولهذا ترى أنّ أسئلة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم دليل على وضوح المسألة وما ينبني على وضوح المسألة من وضوح الجواب قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبرني عن الإسلام أخبرني عن الإيمان أخبرني عن الإحسان؟ وعن أشراط الساعة وما أمارتها)) ونحو ذلك فوضوح السؤال وقلة ألفاظه واستحضار تفاصيله ووضوح السؤال قبل أن تسأل هذا من الآداب التي ينبغي مراعاتها وكثيرا ما تكون الإجابة غير واضحة لأنّ السائل لم يحسن السؤال ولم يستعد للسؤال فلوا استعدّ وجمع تفاصيل السؤال لكانت الإجابة واضحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير