تستمر لا أن تتذوق، وتكون كالرجل المطلاق كما تزوج امرأة وجلس عندها أياماً طلقها وذهب يطلب أخرى.
15 - الحرص على فهم مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم:
من الأمور المهمة في طلب العلم قضية الفهم، أي فهم مراد الله – عز وجل – ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كثيراً من الناس أوتوا علماً ولكن لم يؤتوا فهماً. لا يكفي أن تحفظ كتاب الله وما تيسر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون فهم. لابد أ ن تفهم عن الله ورسوله ما أراده الله ورسوله، وما أكثر الخلل من قوم استدلوا بالنصوص على غير مراد الله ورسوله فحصل بذلك الضلال.
وهنا أنبّه على نقطة مهمة ألا وهي: أن الخطأ في الفهم قد يكون أشد خطراً بالجهل؛ لأن الجاهل الذي يخطىء بجهله يعرف أنه جاهل ويتعلم، لكن الذي فهم خطأ يعتقد في نفسه أنه عالم مصيب، ويعتقد أن هذا هو مراد الله ورسوله، ولنضرب لذلك بعض الأمثلة ليتبين لنا أهمية الفهم:
المثال الأول: قال الله تعالي: (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ.فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) (الانبياء الآيتان: 78، 79).
فضل الله – عز وجل – سليمان على داود في هذه القضية بالفهم (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان)
ولكن ليس هناك نقص في علم داود (وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً).
وانظر إلى هذه الآية الكريمة لما ذكر الله – عز وجل – ما امتاز به سليمان من الفهم، فإنه ذكر أيضاً ميزة داود عليه السلام، فقال تعالى: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ) وذلك حتى يتعادل كل منهما، فذكر الله تعالى ما اشتركا فيه من الحكم والعلم ثم ذكر ما امتاز به كل واحد منهما عن الآخر. وهذا يدلنا على أهمية الفهم، وأن العلم ليس كل شيء.
ـ[راجية حفظ كتاب الله]ــــــــ[24 - 05 - 09, 10:56 م]ـ
جزاكي الله خيرا اختنا الحبيبة
ونفع الله بك وبما قدمتي من درر منثورة للشيخ بن عثيميين رحمه الله تعالى
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[25 - 05 - 09, 03:01 ص]ـ
أحسنتم الانتقاء وفقكم الله .. واصلوا ..
ـ[أم حنان]ــــــــ[26 - 05 - 09, 04:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا
أختي راجية حفظ كتاب الله، جزاك الله خيرا ووفقك لحفظ كتابه والعمل به، اللهم آمين
15 - . قال الله – عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم) (الأنفال الآية:29).
وهذه الآية فيها ثلاث فوائد مهمة:
الفائدة الأولى: (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانا) أي يجعل لكم ما تٌفرقون به بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، وهذا يدخل فيه العلم بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم ما لا يفتح لغيره، فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى، وزيادة العلم، وزيادة الحفظ، ولهذا يذكر عن الشافعي – رحمه الله – أنه قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نور
ونور الله لا يؤتاه عاصي
ولا شك أن الإنسان كلما ازداد علماً ازداد معرفة وفرقاناً بين الحق والباطل، والضار والنافع، وكذلك يدخل فيه ما يفتح الله على الإنسان من الفهم؛ لأن التقوى سبب لقوى الفهم، وقوة يحصل بها زيادة العلم، فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام، ويستطيع الآخر أن يستخرج أكثر من هذا بحسب ما أتاه الله من الفهم.
التقوى سبب لزيادة الفهم، ويدخل في ذلك أيضاً الفراسة أن الله يعطي المتقي فراسة يميز بها حتى بين الناس. فبمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق، أو بر أو فاجر حتى أنه ربما يحكم على الشخص وهو لم يعاشره، ولم يعرف عنه شيئاً بسبب ما أعطاه الله من الفراسة.
16 - الحفظ:
فيجب على طالب العلم الحرص على المذاكرة وضبط ما تعلمه إما بحفظه في صدره، أو كتابته، فإن الإنسان عرضة للنسيان، فإذا لم يحرص على المراجعة وتكرر ما تعلمه فإن ذلك يضيع منه وينساه وقد قيل:
العلم صيد والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الواثقة
¥