تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[(قضيض من قضيض زهو الحق من وفاء الكلبان الى غدر الخلان)]

ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[24 - 05 - 09, 01:16 ص]ـ

قال شيخنا الوالد محمد ابراهيم شقره حفظه الله في كتابه (من وفاء الكلبان الى غدر الخلان):

الحروف الثلاثة (الغين، و الدال، و الراء) التى تتألف منه كلمة (غدر)، هي أيضا أصول لكلمات أخرى، مثل: رغد، و ردغ , و دغر، و غرد.

و بالنظر في هذه الكلمات التى ترد الى تلك الحروف الثلاثة، نجد معانيها أيا ترد الى معنى واحد، هو الأصل الذي تتفرع منه معاني تلكم الكلمات، و هو ذو ثلاث شعب، (الشدة، و النقص، و ما يكره من الشئ و فيه) و كلها تذم.

قال في القاموس: غدره، و غدر به: كنصر , ضرب، وسمع.

غدرا و غدرانا: محركة. و هي غدور، و غدارا، و غدارة. و هو: غادر، و غدار، كسكيت، و صبور.

و غدر: كصر، و أغدره ك تركه و بقاه، كغادره، مغادرة، و غارا. و الغدرة بالضم و الكسر: ما أغدر من شئ.

و ترى أن ما يحمد من معاني تلك الكلمات، لا يمدح الا بذم،، و كل كلمة أصلها (غدر؛ فهي لا تخرج عن المعنى المذكور.

قال في القاموس:

الغدرة: الشر.

الغيدار: سيء الظن.

الغدراء: الظلمة.

الناقة الغدرة: المتخلفة عن الابل.

الارض الغدرة: التى كثر بها الغدر، و هو كل موضع صعب لا تكاد الدابة تنفذ فيه.

(الوفاء و الغدر)

قال شيخنا حفظه الله:

(لا أعرف في الناس خلقا أنبل من ألوفاء، و لا أدبا في الخلق أشرف من الصدق، و لا سبيلا في الحياة أقوم من حسن السريرة، و لقد و الله عجمت كثيرا من سرائر الناس، و أبصرت بأثارها تمور في وجوههم، و علمت من تحولات قلوبهم و نفوسهم مالا يخطر لذوي المروءات منهم ببال، فما علمت شيئا اسوأو لا أخس و لا أردأ من الغدر)

و الوفاء و الغدر ضدان لا يجتمعان، و خطان متوازيان لا يلتقيان و صفتان متنافرتان،لا يتفقان.

و الوفاء لون من ألوان الصدق الجميلة، و أثر من أثاره الحسنة، و علامة مائزة (بالزاي) تدل عليه، و تهدي اليه. و الغدر لون من ألوان الكذب القبيحة،و أثر من ىثاره السيئة، و علامة مائرة (بالراء) تدل عليه و تهدي اليه.

و لا يزال الوفاء بالرجل حتى يلبسه ثوب الصدق، فلا يكون منه من شئ - قولا و فعلا - الا و هو يبين عن صدق يلزمه قول الحق، و ينبئ عن استقامة فيه صارت جبلة (بتشديد اللام) لا تتخلف،يباهي الناس به في تواضع عف،و يمعن الفكر فيه في قصد سوي، و يديم التأمل فيه في وشي الرجاء الاثير و الحكمة الرائفة.

و ليس من الامانة و الصدق في شئ ان يطلب من الرجل أن يكون و فيا، في غير اشقاق عليه، و لا عنت، و لا تكلف، ثم تراه من بعد يعمد الى الغدر، و هو -و لا شك - عليه شاق عسير (أي: قبل أن يصير له عادة ثابتة مستقرة) يرضخ نفسه له في صغار مهين، لا بث على اذاية، و أذى مقيم على نذالة، و نذالة باسطة جناحيها على غواية.

فانظر بربك أين تكون أنت، و قد اتخذت الصدق ثوب زينة لك، أو كان منك ايثار للغدر تتخذ منه رداء قبيحا لك؟!

و ليس يشان الرجل و قبح بمثل ان يكون قادرا على أن يزين نفسه بالوفاء، ثم هو هو يأبى عليها الا ان تكون على خلة الغدر، لا يتحول هو عنها الا ان لاح له في الأفق بريق يطعمه في خلة الغدر، لا يتحول هو عنها الا ان لا ح له في الأفق بريق يطعمه في خلة الوفاء، فيسرع اليها بعواء نفسه الهلوع، متصبرا على ذلة قد تصيب منه و مهانةو يأنف منها الرجال الشرفاء، و تأباها عزة المؤمنين النبلاء، و تصدف عنها مروءة المتقين البصراء.

و لو أنا رأينا الغدر خلة للعامة، يغدون بها و يروحون، و يطربون لها و يصفقون، و يقبلون اليها و ينكصون؛ لقلنا في أنفسنا و في ملأ بأعلى صوت: هنيئا للوفاء، فقد بقيت في الناس ثمالة ترجو به أن تنصف نفسها من الاحسان به و اليه من بعض ممن له الى العلم نسبة، لكن الوفاء قد تحول من ذلك بعض البعض، الى بعض بعض بعض منهم،قل به نصيرهم، و ولى بعه عنهم من كان بألمس القريب ظهيرهم،و أدبر به عنهم من كان الى عهد قريب يعزرهم و يغدو و يروح به اليهم،فصار الوفاء -اوكاد- نسيا منسيا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير