- وقف يا مسدد مع كلام الشيخ رحمه الله وطريقته في التعامل مع أخطاء الدعاة والعلماء،وكيف لا يسقطهم لمجرد خطأ أو أخطاء، واعرف البون الشاسع بين طريقته وطريقة من لا يغفر خطأ - إلا لعالم في زعمه- وأما الدعاة وطلبة العلم، فبمجرد هفوة أو خطأ ولو على سبيل الظن، يُخرَج ذلك المسكينُ من السلفية ويشطب عليه، ولا تُقبل له توبة، وتُتبع محاضراته ودروسه وكتبه، لتُجمع له زلات أخرى،
ثم تصدر فيه كتب وأشرطة، ويحذر منه الناس كأنه رأس من رؤوس الرفض أو الاعتزال. وإلى الله المشتكى على غياب الإنصاف!!
- وسئل الشيخ ابن عثيمين:
فضيلة الشيخ: ما رأي فضيلتكم فيمن صار ديدنهم تجريح العلماء وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم، هل هذا عمل شرعي يثاب عليه أو يعاقب عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أن هذا عمل محرم، فإذا كان لا يجوز للإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن وإن لم يكن عالما فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين؟ والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين. قال الله تعالى {ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} (الحجرات:12) وليعلم هذا الذي ابتلي بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سببا في رد ما يقوله هذا العالم من الحق، فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم؛ لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحا شخصيا بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم.
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو موروث عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لا يتقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح. ولست أقول: إن كل عالم معصوم، بل كل إنسان معرض للخطأ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده، فاتصل به وتفاهم معه، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجدت لقوله مساغا وجب عليك الكف عنه، وإن لم تجد لقوله مساغا فحذر من قوله؛ لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز، لكن لا تجرحه وهو عالم معروف مثلا بحسن النية، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه، لجرحنا علماء كبارا، ولكن الواجب هو ما ذكرت وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه، فإما أن يبتين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك، أو لا يتبين الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ، وحينئذ يحب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول ولتقل أنت ما تقول.
والحمد لله، الخلاف ليس في هذا العصر فقط، الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصارا لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام من؛ لأن هذا الرجل قد يقول قولا حقا في غير ما جادلته فيه.
فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهو تجريح العلماء والتنفير منهم، وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا.". كتاب العلم (ص 265)
- وقال الشيخ العباد
" ليست العصمةُ لأحد بعد رسول الله *؛ فلا يسلم عالِمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابَع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيُستفادُ من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويُدعى له ويُترحَّم عليه، ومَن كان حيًّا سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبَّه على خطئه برفق ولين ومحبَّة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب.
ومن العلماء الذين مَضوا وعندهم خلل في مسائل من العقيدة، ولا يستغني العلماء وطلبة العلم عن علمهم، بل إنَّ مؤلَّفاتهم من المراجع المهمَّة للمشتغلين في العلم، الأئمة: البيهقي والنووي وابن حجر العسقلاني". رفقا أهل السنة بأهل السنة (ص 12)
- وقال أيضا:
" فأمَّا الإمام أحمد بن حسين أبو بكر البيهقي، فقد قال فيه الذهبي في السير (18/ 163 وما بعدها): ((هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام))، وقال: ((وبورك له في علمه، وصنَّف التصانيف النافعة))، وقال: ((وانقطع بقريته مُقبلاً على الجمع والتأليف، فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات، ليس لأحد مثله))، وذكر له كتباً أخرى كثيرة، وكتابه (السنن الكبرى) مطبوع في عشر مجلدات كبار، ونقل عن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل كلاماً قال فيه: ((وتواليفه تقارب ألف جزء مِمَّا لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث))، وقال الذهبي أيضاً ((فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قلَّ مَن جوَّد تواليفه مثل الإمام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء، سيما سننه الكبرى)).
وأمَّا الإمام يحيى بن شرف النووي، فقد قال فيه الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 259): ((الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء ... صاحب التصانيف النافعة))، وقال: ((مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله، رأساً في معرفة المذهب)). رفقا أهل السنة بأهل السنة (ص 13)
¥