تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني: أن من أهل السنة من إذا رأى أخطاء لأحد من أهل السنة كتب في الرد عليه، ثم إن المردود عليه يقابل الرد برد، ثم يشتغل كل منهما بقراءة ما للآخر من كتابات قديمة أو حديثة والسماع لما كان له من أشرطة كذلك؛ لالتقاط الأخطاء وتصيد المثالب، وقد يكون بعضها من قبيل سبق اللسان، يتولى ذلك بنفسه، أو يقوم له غيره به، ثم يسعى كل منهما إلى الاستكثار

من المؤيدين له المدينين للآخر، ثم يجتهد المؤيدون لكل واحد منهما بالإشادة بقول من يؤيده وذم غيره، وإلزام من يلقاه بأن يكون له موقف ممن لا يؤيده، فإن لم يفعل بدعه تبعا لتبديع الطرف الآخر، وأتبع ذلك بهجره، وعمل هؤلاء المؤيدين لأحد الطرفين الذامين للطرف الآخر من أعظم الأسباب في إظهار الفتنة ونشرها على نطاق واسع، ويزداد الأمر سوءا إذا قام كل من الطرفين والمؤيدين لهما بنشر ما يذم به الآخر في شبكة المعلومات (الانترنت)، ثم ينشغل الشباب من أهل السنة في مختلف البلاد بل في القارات بمتابعة الاطلاع على ما ينشر بالمواقع التي تنشر لهؤلاء وهؤلاء من القيل والقال الذي لا يأتي بخير، وإنما يأتي بالضرر والتفرق، مما جعل هؤلاء وهؤلاء المؤيدين لكل من الطرفين يشبهون المترددين على لوحات الإعلانات للوقوف على ما يجد نشره فيها، ويشبهون أيضا المفتونين بالأندية الرياضية الذين يشجع كل منهم فريقا، فيحصل بينهم الخصام والوحشة والتنازع نتيجة لذلك.

وطريق السلامة من هذه الفتن تكون بما يأتي:

أولا: فيما يتعلق بالتجريح والتحذير ينبغي مراعاة ما يلي:

1 ـ أن يتقي الله من أشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم والتحذير منهم، فينشغل بالبحث عن عيوبه للتخلص منها بدلا من الاشتغال بعيوب الآخرين، ويحافظ على الإبقاء على حسناته فلا يضيق بها ذرعا، فيوزعها على من ابتلي بتجريحهم والنيل منهم، وهو أحوج من غيره إلى تلك الحسنات في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

2 ـ أن يشغل نفسه بدلا من التجريح والتحذير بتحصيل العلم النافع، والجد والاجتهاد فيه ليستفيد ويفيد، وينتفع وينفع، فمن الخير للإنسان أن يشتغل بالعلم تعلما وتعليما ودعوة وتأليفا، إذا تمكن من ذلك ليكون من أهل البناء، وألا يشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم من أهل السنة، وقطع الطريق الموصلة إلى الاستفادة منهم، فيكون من أهل الهدم، ومثل هذا المشتغل بالتجريح لا يخلف بعده إذا مات علما ينتفع به، ولا يفقد الناس بموته عالما ينفعهم، بل بموته يسلمون من شره.

3 ـ أن ينصرف الطلبة من أهل السنة في كل مكان إلى الاشتغال بالعلم، بقراءة الكتب المفيدة وسماع الأشرطة لعلماء أهل السنة مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، بدلا من انشغالهم بالاتصال بفلان أو فلان، سائلين: (ما رأيك في فلان أو فلان؟)، (وماذا تقول في قول فلان في فلان، وقول فلان في فلان؟).

4 ـ عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أو لا؟ ومن كان عنده علم بأحوال أشخاص معينين يمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح والتحذير إذا صدر يكون من جهة يعتمد عليها في الفتوى وفي بيان من يؤخذ عنه العلم ويرجع إليه في الفتوى، ولا شك أن الجهة التي يرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة من يستفتى ويؤخذ عنه العلم، وألا يجعل أحد نفسه مرجعا في مثل هذه المهمات؛ فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

ثانيا: فيما يتعلق بالرد على من أخطأ، ينبغي مراعاة ما يلي:

1 ـ أن يكون الرد برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحا جليا، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الرد عليها.

2 ـ إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو من الأمور التي يحتمل أن يكون الراد فيها مصيبا أو مخطئا، فينبغي الرجوع إلى رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأما إذا كان الخطأ واضحا، فعلى المردود عليه أن يرجع عنه؛ فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير