تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْمَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ، وَأَتَصَدَّقُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي، فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

(الترمذي)

لماذا؟ الذين فعلوا ذلك ليقال فلان قارئ، وفلان شجاع، وفلان متصدق، وقد قيل.

فلذلك يقول سيدنا عمر: تعاهد قلبك.

الإنسان بحاجة إلى متابعة قلبه، وأنا أؤكد لكم أن الإنسان إذا أخلص في متابعة قلبه دله الله على الخلل، لأن الإنسان كما قال الله عز وجل:

بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره

(سورة القيامة).

بإمكانك أن تخدع معظم الناس لبعض الوقت، وبإمكانك أن تخدع بعض الناس لكل الوقت، أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت فهذا مستحيل، أما أن تخدع الله أو أن تخدع نفسك لثانية، هذا أشد أنواع المستحيل، ولا ثانية، كل إنسان برمجه الله أو فطره الله فطرةً يكتشف خطأه ذاتياً، لكن بعضهم يكابر.

وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم

(سورة النمل الآية: 14).

ويقول الله عز وجل في الحديث الصحيح فيما يرويه النبي عن ربه: ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَك)).

[رواه أبو مروان العثماني عن أبي هريرة].

((إن اللَّه لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).

[رَوَاهُ مُسْلِم].

المظاهر لا قيمة لها عند الله عز وجل.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)).

[رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنهما].

قالوا عن الصدق والقصد والإخلاص كلمات ثلاثة لمضمون واحد، إفراد الحق سبحانه وتعالى بالقصد في الطاعة، أو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين.

يروى أن إنسانًا لزم صلاة الفجر في الصف الأول أربعين عاماً، تخلف في يوم واحد فقال: ماذا يقول الناس عني هذا اليوم؟ سقطت عبادة أربعين عاماً.

أيها الإخوة، صدقوا أنه ما من موضوع أخطر من هذا الموضوع، الإنسان وقته ثمين أن يفاجئ بأن عمله لم يكن مقبولاً، لذلك العبرة بقبول العمل لا بحجم العمل، عمل قليل مع الإخلاص خير من أعمال كالجبال مع الرياء.

قال بعضهم: الإخلاص استواء الأعمال في الظاهر والباطن، المرائي ظاهره خير من باطنه، والصادق قد يكون باطنه خيراً ظاهره.

الإخلاص نسيان رؤية الخلق، بدوام النظر إلى الخالق، ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله.

وقال بعض العلماء: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، إن تركت عملاً من أجل الناس فهذا هو الرياء، وإن فعلت عملاً من أجل الناس فهذا هو الشرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

والإخلاص: سر بين العبد وربه لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هواً فيميله، سر بينك وبين الله.

وقيل لأحد العارفين: أي شيء أشد على النفس؟ قال الإخلاص، لأنه لي لها فيه نصيب.

الإخلاص: أن تطلب على عملك شاهداً غير الله، أو مجازياً غير الله، أنت حينما تريد أن يشهد الناس عملك، أن يروا فضلك، أو يروا دعوتك، أنت حينما تريد أن تري الناس ما عندك فهذا خدش في الإخلاص.

بعضهم قال: ما أخلص عبد أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة في قلبه وأجراها الله على لسانه.

وقال أبو سليمان الداراني: إذا أخلص العبد انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء.

و الحمد لله رب العالمين


اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا
وما أنت أعلم به منا

لا تنسونا من صالح دعائكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير