موسى – صلوات الله وسلامه عليه – وهو الملقب بالقوي الأمين في كتاب الله، يوم كلفه الله بالرسالة احتاج إلى المعين والوزير فقال – كما أخبر اله في كتابه-:
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) (طه:29 - 35) ماذا قال الله؟ قال:) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:36) وفي القصص يقول الله: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ).
فالصاحب ضرورة ولا بد، لكن له صفات تحدده وتميزه، لعلنا نقف عندها باختصار، منها:
*أن يكون مؤمنا:
((فلا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)) كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي أن يكون مؤمنا، فلا بد:
*أن يكون عاقلا:
لأن الأحمق قد يثور عليك فيغضب فيجني عليك وعلى نفسه ويقعد بك عن الهدف المرسوم الذي رسمته لنفسك، وصدق ونصح من قال:
أحذر الأحمق أن تصحبه ......... إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب ............ زعزنه الريح يوما فانخرق
أو كصدع في زجاج فاحش ....... هل ترى صدع زجاج يرتتق ...... كلا
*أن يكون عدلا غير فاسق:
أقول ذلك لئلا يجرك فسقه، ود صاحب الفسق والمعصية لو فسق الناس جميعا، لئلا يكون نشازا بينهم
*أن يكون غير مبتدع:
لئلا يلقى عليك الشبه فيتشربها قلبك والقلوب ضعيفة والشبه خطافة كما يقول العلماء.
*أن يكون حسن الخلق غير حريص على الدنيا:
وصدق من قال: شبيه الشيء منجذب إليه، وخير الكلام كلام الله يوم قال: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:37).
وإن لم يكن رفقتك بهذه الأوصاف فإني أخشى أن لا تبلغ وجهتك في سفرك، وأن تكون – أجارك الله – ممن يقول حين لا نفع: (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان:28). قد تفسد المرعى على أخواتها ........ شاة تند عن القطيع وتمرق
*محطات الاستراحة:
أما محطات الاستراحة: فإن المسافر بطبعه يكل، وينصب، ويتعب، ويمل، وراحته وأمنه وسكينته (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (النور:36) ومن لا يعرفها فحاله كقول القائل:
إن مات مات بلا فقد ولا أسف ...... أو عاش عاش بلا خلق ولا خُلق
هدف المسافر ووجهته:
أما هدف المساغر ووجهته: فللمسافر وجهة، ومسافر لا يحدد وجهته كالثور يدور في السياقة ويدور ويدور ثم ينتهي من حيث بدأ. أو كالسفينة التي تسير في البحر بلا مقصد تتلاعب بها الأمواج، وتقذف بها الأثباج، ثم تهلك هي وأصحابها.
فما وجهتنا – عباد الله -؟ إنها (َجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: من الآية133).
من رام وصل الشمس حاك خيوطها ........... سببا إلى آماله وتعلقا
حفت الجنة بالمكاره، فمن أرادها حقا اقتحم المكاره، فمن خلقه الله للجنة لم تزل هداياها تأتيه من المكاره، والمكارم منوطة بالمكاره، ومن تأمل نيل الدر من البحر وجده بعد معاناة المكاره، ومن تأمل دوام البقاء في نعيم الجنة علم أنه لا يحصل إلا بنقد هذا العمر ثمنا له، وما مقدار عمر غايته مائة سنة منها خمس عشرة صبوة وجهل، ومنها ثلاثون بعد السبعين إن حصلت عجز وضعف، والتوسط نوم ونصف زمانك أكل وشرب وكسب وللعبادات منه زمن يسير.
عمرك محدود فأدرك به ....... بعض الأماني وانتهز واعقل
أفلا يشترى ذلك الدائم بهذا القليل؟! خاب والله وغبن وتعس وانتكس من باع الجنة وما فيها بشهوة ساعة، غبن، فاحش، خلل، وهوان، تالله ما العيش إلا عيش الجنة، حيث اليقين والرضا والمعاشرة لمن لا يوؤذي ولا يخون، مع تنوع أصناف النعيم.
والذل في دعة النفوس ولا أرى ........ عز المعيشة دون أن يشقى لها
من جد وجد، ومن سهر ليس كمن رقد، والفضائل تحتاج لوثبة أسد.
¥