ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 11 - 04, 07:40 م]ـ
أحسن الله إليكم يا شيخ .. علاقتكم مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، مع ذكر موقف من المواقف التي جمعتكم سابقا.
أما سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة رحمه الله فأول مرة اجتمعت به أنا كنت عندما أشتغل في جامع الأصول في الشام، فكنت كلما انتهى مجلد منه أرسل نسخة إلى الجامعة الإسلامية، وأرسل مجلدا إلى رابطة العالم الإسلامي، ومجلدا إلى حبيب الرحمن الأعظمي في الهند -لأني اجتمعت به في الشام، وكان لنا معرفة به- على أساس أن كل من قرأ الكتاب وله ملاحظة أن يبديها لنا جزاه الله خيرا.
فكنت جئت إلى الحج منذ أربعين عاما، وكانت في ذلك الوقت قد فُتحت الجامعة الإسلامية حديثا، والشيخ كان مدير الجامعة، وأنا كنت ألقيت كلمة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب خطبة الجمعة، فلما سمع الشيخ قال لطلابه: من المتكلم؟ قالوا: عبد القادر الأرناؤوط من دمشق، فقال لهم: اجلسوا.
وكنت ذكرت حديثا في ذلك الوقت وشرحته، والحديث:
روى أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، قال: لا تشرك بالله شيئا وإن قُتلت أو حرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرا؛ فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية؛ فإن بالمعصية حلّ سخط الله، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، وأنفق على أهلك من طَولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأخفهم في الله".
فعندما انتهيت من الكلام وشرحت هذا الحديث جاء سماحة الشيخ وسلّم عليّ ودعاني إلى الغداء، وفي طريقه سألني: هل هذا الحديث إسناده ضعيف؟ فقلت: نعم، إسناده في مسند الإمام أحمد فيه ضعف، وإسناده في معجم الطبراني فيه ضعف، ولكن له ثلاث شواهد يتقوى بها، فهو حديث حسن بشواهده. فقال لي: بارك الله! بارك الله!
وطلب مني أن آتي إليه كلما جئت إلى المدينة المنورة، سواء في حج أو عمرة أن أسلّم عليه.
فكنت أتردد عليه في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وتعرفت على كثير من المشايخ الذين كانوا يعملون مع الشيخ في ذلك الوقت، مثل الشيخ عمر فلاته رحمه الله، والشيخ حماد الأنصاري رحمه الله، والشيخ عبد المحسن العباد، وغيرهم من المشايخ.
ولما انتقل الشيخ إلى الرياض أيضا كنا نأتي إليه ونزوره، رحمه الله.
وكان لما سمع الشيخ من بعض الأساتذة في الجامعة الإسلامية أني أتقن اللغة الألبانية طلب مني وقال: يجب عليك أن تذهب إلى بلدك في السنة مرة لكي تدعوهم باللغة الألبانية لكي يفهموا عنك الشريعة الإسلامية ..
وترددت سنوات عديدة إلى كوسوفا وأنا أدرّس فيها وأخطب فيها وأعلّم فيها، حتى أني طلبت منهم أن يرسلوا بعض الطلاب إلى الجامعة الإسلامية، وكان الشيخ رحمه الله قد قبلهم لكي يكونوا دعاة يرجعون إلى بلدهم يدعون إلى الله عز وجل.
وهكذا إلى قبيل وفاته رحمه الله كنا على صلة معه، حتى إني قبل وفاته بأيام كنت في مكة والمدينة، وطُلب مني أن أقول كلمة عن الشيخ، وتكلمت بها .. وهي موجودة ومسجلة عند بعض العلماء.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 11 - 04, 07:41 م]ـ
كلمة مختصرة في وفاة أهل العلم يا شيخ.
من المصائب في الدنيا أن يموت أهل العلم، ولذلك أيها الإخوة: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَبْقَ عالمٌ –أو: لم يُبْقِ عالما- اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"، وروى البخاري في صحيحه عن مرداس بن مالك الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حثالة كحثالة الشعير والتمر، لا يباليهم الله بالا"، كذلك روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهَرْج، وهو القتلُ القتل".
ولذلك فموت العلماء مصيبة، ولذلك يجب على طلاب العلم أن يدرسوا ويتعلموا لكي يحُلوا محل أولئك العلماء الذين ماتوا وذهبوا إلى الله عز وجل.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 11 - 04, 07:42 م]ـ
أحسن الله إليكم يا شيخ .. يتساهل بعض رقاق الدين في الصحابي الجليل معاوية، فما حكم ذلك أحسن الله إليكم؟
لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين، فقد يصدر الخطأ عنهم، وجُمهور العلماء من السلف والخلف على أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحق بالخلافة، وأن معاوية نازعه، ولكن هذه أمورٌ جرت في ذلك الوقت، فلا ينبغي أن نشغل الناس بها، ولذلك كان كثير من العلماء إذا ذُكر مثل هذه الأمور يقولون: "تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعملون"، فنترضى عنهم جميعا، ونكل أمرهم إلى الله تبارك وتعالى، ولا يجوز الطعن في معاوية ولا سبه، ولا الكلام فيه، وإنما نقول: أخطأ، وأمره إلى الله عز وجل.
¥