[إذا لم تطلب العلم صغيرا فلا تنثني عن طلبه وأنت كبير.]
ـ[أحمد الأحمدي السلفي]ــــــــ[21 - 06 - 09, 11:17 م]ـ
العلم أشرف ما صرفت فيه الأوقات و عمرت فيه الساعات.
يقول الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله تعالى " ... والمسلمون يعايشون-ولله الحمد-يقظة علمية , تتهلل لها سبحات الوجوه , ولا تزال تنشط -متقدمة إلى الرقي والنضوج- في أفئدة شباب الأمة مجدها ودمها المجدد لحياتها؛ إذ نرى الكتائب الشبابية تترى، يتقلبون في أعطاف العلم مثقلين بحمله يعلون منه وينهلون، فلديهم من الطموح، و الجامعية، والاطلاع المدهش والغوص على مكنونات المسائل ما يفرح المسلمون نصرا، فسبحان من يحي ويميت قلوبا".
نعم والله إننا نسعد جميعا عندما تقع أعيننا على تلك الكتائب الشبابية.
ما أسطره هنا هو لزمرة، علت أسنانهم و كبرت أعمارهم وقد فرطوا في صباهم و لم يطلبوا العلم.
وعندما تقول لهم أين أنتم من طلب العلم؛ يكون جوابهم: قد كبر سني، ورق عظمي،وضعفت ذاكرتي ... الخ.
أقول لهم إليكم ماسطره الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين" وربما امتنع الإنسان من طلب العلم لكبر سنه، واستحيائه من تقصيره في صغره أن يتعلم في كبره؛ فرضي بالجهل أن يكون موسوما به، وآثره على العلم، أن يصير مبتدئا به.
وهذا من خدع الجهل وغرور الكسل لأن العلم إذا كان فضيلة فرغبة ذوي الأسنان فيه أولى والابتداء بالفضيلة فضيلة، ولأن يكون شيخا متعلما أولى من أن يكون شيخا جاهلا.
حكي أن بعض الحكماء رأى شيخا كبيرا يحب النظر في العلم ويستحي، فقال له: يا هذا، أتستحي أن تكون في آخر عمرك أفضل مما كنت في أوله. وذكر أن إبراهيم ابن المهدي دخل على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في الفقه، فقال: ياعم، ماعندك فيما يقول هؤلاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين، شغلونا في الصغر، واشتغلنا في الكبر. فقال: لم لاتتعلمه اليوم؟ قال: أويحسن بمثلي طلب العلم؟ قال: نعم، والله لأن تموت طالبا للعلم، خير من أن تعيش قانعا بالجهل. قال: وإلى متى يحسن بي طلب العلم؟ قال: ما حسنت بك الحياة، لأن الصغير أعذر - وإن لم يكن في الجهل عذر- لأنه لم تطل به مدة التفريط ولا استمرت عليه أيام الاهمال. وقد قيل في منثور الحكم: جهل الصغير معذور وعلمه محقور. فأما الكبير فالجهل به أقبح، ونقصه عليه أفضح، لأن علو السن إذا لم يكسبه فضلا، ولم يفده علما، وكانت أيامه في الجهل ماضية، ومن الفضل خالية كان الصغير أفضل منه لأن الرجاء له أكثر والأمل فيه أظهر، وحسبك نقصا في رجل يكون الصغير المساوي له في الجهل أفضل منه.
وأنشدت لبعض أهل الأدب:
إذا لم يكن مر السنين مترجما عن الفضل في الإنسان سميته طفلا
وما تنفع الأعوام حين تعدها ولم تستفد فيهن علما ولا فضلا
أرى الدهر من سوء التصرف مائلا إلى كل ذي جهل كأن به جهلا"
انتهى.
فهل نرى كتائب من علت أسنانهم بجوار الكتائب الشبابية يطلبون العلم ويعين بعضهم بعضا؟
هذا ما نرجو، والله نسأل أن يحققه.
ملاحظة: الموضوع كتبته بمعرف "محب المدينة" في مجالس العقيق.