وروي عن الشيخسيد المختار ابن الشيخ سيدي محمد ابن الشيخ أحمد بن سليمان (ت 1397م) حِفظكثير من كتب المراجع مثل: فتح الباري، والإتقان للسيوطي، غير المتون والكتبالتي تُدرّس في المحظرة (7).
ومن العجيب ما تجده من محفوظات فقهائهمغير متون الفقه والأصول وما يتعلق بالتخصص، فهذا قاضي (ولاته) وإمامها سيدي أحمدالولي بن أبي بكر المحجوب كان يحفظ مقامات الحريري، وليست من فنون القضاء ولاالفقه، وسمعتها عن الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب الأضواء ـ رحمة اللهعليه (8).
وأما المتخصص في الأدب والشعر فلا يحفظ أقلّ من ألف بيت في كل بحر منبحور الشعر العملية؛ حتى تتهيأ له ملكة أدبية لينظم أو ينثر ما يريد.
فهذاالعلامة الأديب محمد محمود بن أحمذيه (9) الحسني ـ رحمه الله ـ، كان يحفظ في الأدبوحده مقامات الحريري، والمستطرف، وكامل المبرد، والوسيط في أدباء شنقيط، وديوانالمتنبي، وديوان أبي تمام، وديوان البحتري؛ هذا في الأدب وحده دون غيره من فنونومتون المنهاج الدراسي المحظري (10).
ومن نوادر نساء الشناقطة في قوة الحفظ ماحدّث به العلاّمة محمد سالم بن عبد الودود أن أمه مريم بنت اللاّعمة كانت تحفظالقاموس، وقد استوعبته بطريقة غريبة، حيث كان والدها يرسلها من حين لآخر إلىخيمة أحد علماء الحي تنظر له معنى كلمة في القاموس ـ وكان هذا العالم ضاناً بنسختهلا يعيرها ـ فكانت البنت تحفظ معنى الكلمة وتعود بها إلى والدها وهكذا حتى حفظتمادة القاموس كلها. وإن تعجب أخي القارئ من المتقدمين فلعل ممن أدركنا من المعاصرينالأحياء من يماثلهم في الحفظ؛ فمن ذلك ما حدثني به والدي ـ حفظه الله ـ قال لي يابني: لقد كنا أيام طلبنا للفقه عند شيخنا الفقيه عبد الرحمن ولد الداهي، نتسابقفي ختم المختصر ليالي الجمع فيستفتح من (يقول الفقير المضطر) بداية الكتاب فلايطلع الفجر إلا وقد ختمناه لا نشكك إلا في مواطن قليلة في أقفاف (11) السفر نكرر ذكرذلك مرات، وممن أدركناه من الأحياء العلامة الشيخ أحمدّو بن العلامة الشيخ محمدحامد بن آلاّ الحسني نزيل المدينة النبوية ـ متع الله ببقائه.
ولا أبالغ إن قلت: إن ما في صدره من العلم لو جلس يمليه عاماً كاملاً لما كرر ولا أعاد منه شيئاً؛ فمنمحفوظاته في النحو والصرف طرة (12)، ابن بونة على الاحمرار (13) يحفظها بنصها، وطرةالحسن بن زين على احمراره للامية الأفعال لابن مالك أيضاً، والمقصور والممدودلابن مالك مع شواهده وهي تقرب من ألفي بيت، وضوابط وشواهد على مسائل ألفية ابنمالك بعضها له وبعضها لوالده ولبعض العلماء الشناقطة تبلغ نحواً من ثلاثة آلافبيت، إضافة إلى بعضٍ من ألفية السيوطي في النحو.
وفي غريب اللغة نظم ابنالمرَحّلْ، ونظم أبو بكر الشنقيطي كثيراً من مواد القاموس، وجل شواهدالغريب من تفسير القرطبي، ومثلث ابن مالك وهو يبلغ ثلاثة آلاف بيت مع شواهده. إلخمن العلوم والفنون ...
ومن المعاصرين الحفاظ أيضاً صاحب المحضرة العامرةالعلامة محمد الحسن بن الخديم وقد حدثني بعض تلامذته أنه يحفظ النص من مرتينفقط، وأنه لا يكاد يوجد فن إلا ويحفظ فيه ألفيةً؛ حتى في الطب والعقيدة والقواعدالفقهية والقضاء، وأنه يحفظ كثيراً من كتاب سيبويه وتمنى لو جاءه فيالصغر (14).
ومن النساء المعاصرات: العالمة المفتية الفقيهة مريم بنت حينالجكنية والدة الشيخ عبد الله بن الإمام، حدثني بعض تلامذة ابنها أنها كانت تشرحله في ألفية ابن مالك إذا لم يكن ابنها في البيت، ورويت عن قريبات لي أنهاتحفظ كثيراً من المتون الفقهية وتفتي النساء في الحج والحيض، ولها ألفية فيالسيرة ولها منظومات فقهية لبعض المسائل والنوازل. وهذه نتف مما وقفت عليهلعل فيها ما يذكي الحماس لدى طلاب العلم المعاصرين.
طرق الحفظ لدىالشناقطة:
ولهم في الحفظ وسائل وطرق أجملها فيما يلي: ـ
¥