قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأتباع السلف يقولون إن كلام الله قديم إي لم يزل متكلماً إذا شاء، لا يقولون إن نفس الكلمة المعينة قديمة، كندائه لموسى ونحو ذلك) "12" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069007#_ftn12).
ومثال ذلك الذي ذكرنا في كتاب الله كثير ومنه قول الله تعالى: {فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهم ربهما ألم أنهكم عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين}. وكقوله تعالى: {وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً}.
وقد تكلم الله بلفظه ومعناه بصوت نفسه قال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام لله}. فبين سبحانه وتعالى أن المسموع هو كلام الله تعالى حقيقة وقد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام الذي سمعه من الله تعالى ونزل به إليه وأسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو الذي أمره الله عز وجل بإسماعه للمشرك المستجير.
وقولهم أن القرآن دال على كلام الله عز وجل وليس هو كلام الله عز وجل؛ بل ليس فيه إلا المعنى القائم بذات الله واللفظ مخلوق فهذا يرده قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} ولم يقل الله عز وجل: (حتى يسمع ما هو عبارة عن كلام الله)، والأصل في الإطلاق الحقيقة كما أشار البيجوري نفسه ص74.
قال شارح العقيدة الطحاوية: (وحقيقة كلام الله تعالى الخارجية: هي ما يسمع منه أو من المبلِّغ عنه فإذا سمعه السامع علمه وحفظه، فكلام الله تعالى مسموع له معلوم محفوظ، فإذا قاله السامع فهو مقروء له متلو فإن كتبه فهو مكتوب له مرسوم. وهو حقيقة في هذه الوجوه كلها لا يصح نفيه، والمجاز يصح نفيه، فلا يجوز أن يقال: ليس في المصحف كلام الله، ولا: ما قرأ القارئ كلام الله تعالى وقد قال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} وهو لا يسمع كلام الله من الله وإنما يسمعه من مبلِّغه عن الله. والآية تدل على فساد قول من قال: إن المسموع عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله فإنه تعالى قال: {حتى يسمع كلام الله} ولم يقل حتى يسمع ما هو عبارة عن كلام الله، أو حكاية عن كلام الله، وليس فيها كلام الله فقد خالف الكتاب والسنة وسلف الأمة وكفى بذلك ضلالاً) "13" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069007#_ftn13).
والبيجوري قال هذا الضلال عندما قال: (واعلم أن كلام الله يطلق على الكلام النفسي القديم، بمعنى أنه صفة قائمة بذاته تعالى، وعلى الكلام اللفظي بمعنى أنه خلقه، وليس لأحد في أصل تركيبه كسب، وعلى هذا المعنى يحمل قول عائشة: ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى. وإطلاقه عليهما قيل بالاشتراك، وقيل حقيقي في النفسي، مجاز في اللفظي) "14" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069007#_ftn14).
أما بالنسبة للأمر الآخر الذي كان بينه في كلامه أن الله تعالى لم يتكلم بحرف وصوت ودليله على ذلك لم يفصح عنه وإن كان معلوماً أنه نفى ذلك هو وسلفه وأشياعه مخافة التشبيه.
ومذهب السلف في ذلك هو ما ذكره سابقاً شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد نصَّ أئمة الإسلام أحمد ومن قبله من الأئمة أن الله تكلم بالقرآن بحروفه ومعانيه بصوت نفسه كما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف، وصوت العبد ليس هو صوت الرب ولا مثل صوته فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وقد نص أئمة الإسلام أحمد ومن قبله من الأئمة على ما نطق به الكتاب والسنة بأن الله ينادي بصوت وأن القرآن كلامه تكلم به بحرف وصوت ليس منه شيء كلاماً لغيره لا لجبريل ولا غيره) "15 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069007#_ftn15)".
والأدلة على ذلك كثيرة من السنن النبوية الشريفة فمنها:
1) قوله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول لكم ألم حرف؛ ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)).
¥