وكما أننا مأمورون أن لا نخاف إلا الله، ولا نتوكل إلا على الله، ولا نرغب إلا إلى الله، ولا نستعين إلا بالله، وألا تكون عبادتنا إلا بالله، فكذلك نحن مأمورون أن نتبع الرسول ونطيعه، ونتأسى به. فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه) "3" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070122#_ftn3).
بعد هذا البيان المقتضب لمفهوم العبادة لابد أن نعلم أن من أعظم العبادات التي لا يجوز صرفها إلا لله: الدعاء، وأن صرفه لغيره سبحانه وتعالى شرك يحبط الأعمال.
وقد أمر سبحانه وتعالى أن لا ندعو إلا إياه. قال جل وعلا: {ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}، وقال تعالى: {ولا تدعو مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو}.
وجعل سبحانه وتعالى دعاء غيره عبادة له وشركاً بالله تعالى: قال سبحانه وتعالى: {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض}، وقال سبحانه: {قل أرأيتم شركائكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض}، وقال جل وعلا: {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله}، وقال سبحانه: {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين}، وقال سبحانه وتعالى: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}.
فهذه الآيات وأمثالها في كتاب الله العزيز كثيرة تبين لنا بوضوح أن من دعاء غير الله من قبر أو ميت إنما هو مشرك بالله رب العالمين.
قال ابن كثير في بيان الآية 37 من سورة الأعراف المتقدمة: (يخبر تعالى أن الملائكة إذا توفت المشركين بفزعهم عند الموت وقبض أرواحهم إلى النار يقولون لهم: أين الذين كنتم تشركون بهم في الحياة الدنيا وتدعونهم وتعبدونهم من دون الله أدعوهم يخلصونكم مما أنتم فيه) "4" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070122#_ftn4).
وأما الأحاديث فكثيرة وأبينها قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، فهذا الحديث جلي واضح أن دعاء غير الله عبادة لغير الله، لأن الدعاء عبادة فكل من دعاء غير الله سبحانه وتعالى فقد وقع في الشرك الأكبر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والذين يزورون قبور الأنبياء والصالحين ويحجون إليها ليدعوهم ويسألوهم أو ليعبدوهم ويدعوهم من دون الله هم مشركون) "5" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070122#_ftn5).
وفي موطن آخر من الكتاب - ص56 - : (وهؤلاء الذين يعتقدون أن القبور تنفعهم وتدفع البلاء عنهم قد اتخذوها أوثاناً من دون الله وصاروا يظنون فيها ما يظنه أهل الأوثان في أوثانهم فإنهم كانوا يرجونها ويخافونها ويظنون أنها تنفع وتضر).
وقد يقول جاهل متعالم إننا لو دعونا صاحب القبر إنما نحن نعتقد أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله؛ ولكن نحن ندعوه بقولنا يا مدد أو بقولنا مدد يا رسول الله أو يا باز أو يا "أبو العلميين". إنما لنتقرب بذلك إلا الله بمن يحبهم من أوليائه ورسله، أي بمعنى: نتخذهم واسطة لعظم قدرهم وجاههم عند الله.
فتقول وبالله التوفيق:
إن هذا هو شرك القربة وهو من جنس شرك الجاهليين الذي بعث رسول الله إليهم ليدعوهم إلى التوحيد والإيمان. قال سبحانه وتعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون}، وقال سبحانه: {ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
¥