تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كل من له علم بالسيرة أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة لم يحارب أحداً من أهل المدينة بل ودعاهم حتى اليهود خصوصاً بطون الأوس والخزرج فإن كان يسالمهم ويتألفهم بكل وجه، وكان الناس إذا قدمها على طبقات: منهم المؤمن وهم الأكثرون، ومنهم الباقي على دينه وهو متروك لا يحارب ولا يحارب. وهو والمؤمنون من قبيلته وحلفائهم أهل سم لا أهل وب، حتى حلفاء الأنصار أقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على حلفهم) -الصارم المعلول99 - .

المرحلة الرابعة: قتال جميع الكفار من كل الأديان ابتداءً وإن لم يبدئوا بقتال حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية على الخلاف المعروف فيمن تؤخذ منه، وهذه المرحلة بدأت من انقضاء أربعة أشهر من بعد حج العام التاسع من الهجرة ومن بعد انقضاء العهود المؤقتة، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعمل على هذه المرحلة وعليها استقر حكم الجهاد، قال - تعالى - (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) -سورة التوبة آية 29 - قال ابن القيم- رحمه الله - (فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام: محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة، ثم آل حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين: محاربين، أهل ذمة) -زاد المعاد 3/ 160 -

وهل هذه المرحلة ناسخة لما قبلها من المراحل؟ نقول: إنها ناسخة بالنسبة لأقوام غير ناسخة بالنسبة لآخرين، فمن كان ذا قوة ومنعة ودولة وحاله كالحال التي آلت إليها دولة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن المراحل السابقة منسوخة في حقه لا يجوز له العمل بها ألبتة، ومن كان في ضعف وذل بل ولا دولة له فإن المراحل السابقة غير منسوخة في حقه بل يعمل بالذي يناسب ظروفه الذي يعيش فيه، كما كان عليه المسلمون أول الأمر قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( .. فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) -الصارم المسلول 221 - .

خامساً: أهداف الجهاد وغايته:

لم يشرع الجهاد عبثا، ولا لتحقيق أهداف شخصية، أو مطامع مادية، أو مكارب سياسية، أو لبسط نفوذ وتوسيع الرقعة، ولا لإزهاق النفوس وسفك الدماء، والتسلط على الناس واستعبادهم، وإنما شرع لأهداف جليلة، وغايات نبيلة، نذكر بأهمها بعد ذكر هدفه الأساسي:

أما هدفه الأساسي: فهو تعبيد الناس لله وحده، وإعلاء كلمة الله في الأرض، وإظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون.

قال - تعالى -: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) -سورة البقرة آية 193 - وقال - سبحانه -: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير) -سورة الأنفال آية39 - وقال - سبحانه -: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) -سورة التوبة آية33/سورة الصف آية9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) رواه مسلم.

* ومن أهداف الجهاد:

1 - رد اعتداء المعتدين على المسلمين: قال - تعالى -: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) -سورة البقرة آية 190 - وقال - تعالى -: (ألا تقاتلوا قوماً نكثوا أيمانهم وهو بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة أتخشوهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين) -سورة التوبة آية13 - .

2 - إزالة الفتنة عن الناس حتى يستمتعوا إلى دلائل التوحيد من غير عائق، وحتى يروا نظام الإسلام مطبقاً ليعرفوا ما فيه من عدل وإصلاح للبشر، قال - تعالى - (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) والفتنة أنواع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير