تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مثالها: قوله - تعالى -: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3]. قيل: آدم وولده، وقيل: إبراهيم وولده. وقيل: بل هي عامة في كل والد وولده. وهو الصحيح، قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: أقسم الله بكل والد وولده؛ لأن الله عمَّ كل والد وما ولد. وغير جائز أن يخص ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل، ولا خبر بخصوص ذلك، ولا برهان يجب التسليم له بخصوص؛ فهو على عمومه كما عمه».

القاعدة الثالثة: إذا اختلف المعنى الشرعي والمعنى اللغوي فالمقدم الشرعي إلا بدليل؛ لأن القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة.

مثالها: قوله - تعالى -: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] فالصلاة في اللغة: الدعاء.

وفي الشرع: صلاة الجنازة والمقدم المعنى الشرعي.

فإن دل الدليل على اعتبار اللغوي دون الشرعي وجب الأخذ به كما في قوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي: ادع لهم؛ ودليله حديث عبد الله ابن أبي أوفى؛ حيث قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلِّ على آل فلان! فأتاه أبي بصدقته: فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى!» (1).

القاعدة الرابعة: تحكيم السياق عند الاختلاف.

مثالها: قوله - تعالى -: {عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] قيل: هو الولد، وقيل: ليلة القدر، وقيل: ما أحله لكم ورخص لكم، والأول أرجح لمناسبته السياق؛ حيث جاء عقيب قوله: {فّّالآنّّ بّّاشٌرٍوهٍنَّ} [البقرة: 187].

القاعدة الخامسة: تحكيم الرسم عند الاختلاف.

مثالها: قوله - تعالى -: {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى} [الأعلى: 6] قيل: (لا) نافية، وقيل: ناهية. والصواب الأول؛ لأنها لو كانت ناهية لجزم الفعل بحذف حرف العلة.

وكذلك قوله - تعالى -: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3] ففي الضمير (هم) في الفعلين قولان:

1 ـ أنه يعود على الناس؛ ويكون الضمير في موضع نصب.

2 ـ أنه يعود على واو الجماعة في (كالوا ووزنوا) ويكون في موضع رفع مؤكداً لواو الجماعة.

والراجح الأول؛ لأنه لو كانت كلمة (كالو) مستقلة و (هم) مؤكدة لأتبعت (كالو) في الرسم بألف الفرق ( ü) لكتبت (كالوا هم) وليس الأمر كذلك.

القاعدة السادسة: يجب تفسير المعنى على الأغلب من استعمال العرب. أي دون الشاذ والقليل والمنكر.

مثالها: قوله - تعالى -: {لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} [النبأ: 24] قيل في البرد قولان:

الأول: برد الهواء الذي يبرد جسم الإنسان.

والثاني: النوم.

قال ابن جرير: «والنوم وإن كان يبرد غليل العطش، فقيل له من أجل ذلك: البرد؛ فليس هو باسمه المعروف، وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب دون غيره»، وبمثله قال النحاس (2).

القاعدة السابعة: وجوب مراعاة معهود القرآن وطريقته في البيان.

والمراد: أن اختيار التأويل الموافق لطريقة القرآن ومعهوده الكلي أو الأغلبي هو المتعين:

مثالها: قوله - تعالى -: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 8] في مرجع الضمير في (رجعه) قولان:

1 ـ أنه يعود إلى الإنسان، والمعنى: أن الله قادر على رده للحياة بعد موته.

2 ـ أنه يعود إلى الماء، والمعنى: أن الله قادر على رد الماء إلى الصلب أو الإحليل؛ والصواب الأول؛ لأن المعهود في القرآن الاستدلال بالمبدأ على المعاد.

وأما القول الثاني «فلم يأت لهذا المعنى نظير في موضع من القرآن» (3).

وأيضاً قوله - تعالى -: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] قيل: آيات القرآن، ومواقعها نزولها شيئاً بعد شيء، وقيل: هي النجوم المعروفة في السماء. وهو الراجح؛ لأن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد بها الكواكب؛ كما قال ابن القيم (4).


(1) الفتاوى 19/ 203.

(2) المنثور في القواعد 1/ 65.

(3) قواعد التفسير 1/ 38.

(1) قواعد الترجيح، 1/ 301.

(2) البحر المحيط 1/ 261.

(3) البحر المحيط، للزركشي 6/ 159.

(4) أضواء البيان 5/ 371.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير