وقد ذكر المفسرون لسؤال إبراهيم - عليه السلام - هذا أسبابا منها: أنه لما قال لنمرود (ربي الذي يحي ويميت) أ حب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين وأن يرى ذلك مشاهدة.
أما قوله - تعالى -: (فصرهن إليك) فقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: أوثقهن فلما أوثقهن ذبحهن، ثم جعل على كل جبل منهن جزءا فذكروا أنه عمد إلى أربع من الطير فذبحهن ثم قطعهن ونتف ريشهن ومزقهن وخلط بعضهن ببعض ثم جزأهن أجزاء، وجعل على كل جبل منهن جزءا، قيل أربعة وقيل سبعة، قال ابن عباس: أخذ رؤوسهن بيده ثم أمره الله - عز وجل - أن يدعوهن فدعاهن كما أمره الله - عز وجل -. فجعل ينظر إلى الريش يطير إلى الريش، والدم إلى الدم واللحم إلى اللحم، والأجزاء من كل طائر يتصل بعضها إلى بعض، حتى قام كل طائر على حدته وأتينه يمشين سعيا ليكون أبلغ له في الرؤية التي سألها، وجعل كل طائر يجيء ليأخذ رأسه الذي في يد إبراهيم - عليه السلام - فإذا قدم له غير رأسه يأباه فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جسده بحول الله وقوته ".
6 - ما أخبر الله به عن عيسى - عليه السلام - من أنه كان يحيي الموتى بإذن الله كما قال - تعالى -: (ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ ألاكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله).
7 - ما أخبر الله من قصة أصحاب الكهف.
وهذه الأدلة المتقدمة أدلة مادية حسية، وقعت كلها لتدل على أحياء الموتى بعد مماتهم وهذا برهان قطعي على القدرة الإلهية وقد أخبر الله ورسله عن وقوع البعث والحشر فوجب القطع بذلك لأنه أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت قدرته.
ثانيا الاستدلال على البعث بالنشأة الأولى:
ومن الآيات الدالة على ذلك ما يلي:
1 - قال - تعالى -: (يا أيها الناس كنتم في ريب من البعث فِانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقه ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شئ قدير (6) وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور).
في هذه الآيات دليلان على إمكان البعث، أحدهما دليل في الأنفس والآخر دليل في الآفاق، فأما الدليل الذي في الأنفس فهو ما اشتمل عليه صدر الآية وهو متعلق بالنشأة الأولى، وأما الدليل الآفاقي فهو قو له - تعالى -: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج).
وهو الاستدلال بخلق النبات على إمكان البعث كما سيأتي.
1 - قوله - تعالى -: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهى رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم).
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير والسدي وقتادة جاء أبي بن خلف لعنه الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي يده عظم رميم وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نعم يميتك الله - تعالى - ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار " ونزلة هذه الآيات من آخر يس،.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إن العاص بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففتته بيده ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نعم يميتك الله ثم يدخلك جهنم " قال: ونزلت من آخر يس.
وسواء كانت هذه الآيات قد نزلت في أبي بن خلف أو العاص أو فيهما فهي عامة في كل من أنكر البعث، ذكره ابن كثير.
3 - قوله - تعالى -: (وقالوا أئذا كنا عظما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جد يدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
¥