تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - قوله - تعالى -: (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى انه على كل شيء قدير).

4 - قوله - تعالى -: (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك للآيات لقوم يعقلون)

وقوله: (وان تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد).

وفي هذه الآيات السابقة استدلال بتبدل أحوال النباتات من حياة إلى موت فحياة، وسلب خاصية النشوء والنماء في بعض النباتات فتهمد وتتفتت ثم تسقى بالماء فتعود إلى إليها تلك الخاصية، فلو كان مستحيلا إعادة الحياة إلى الإنسان مرة أخرى لما عادت الحياة إلى النباتات المختلفة بعد موتها لأن المشابهة واضحة في القدرة الإلهية في إعادة الحياتين سيرتهما الأولى ولهذا لفت القرآن الكريم أنظار المنكرين إلى التبصر في الموجودات الحسية واستنتاج العظات والعبر منها ليعود للنفس إيمانها فتسعد بالطمأنينة والاستقرار، وقد تقدمت المشابهة بين إعادة الحياة إلى النبات بالمطر وإعادة بناء الأجساد وإنباتها بالمطر الذي يجعله الله عند البعث وهو مطر كمني الرجال فتنبت منه الأجساد. وفي قوله - تعالى -: (وان تعجب فعجب قولهم) .. الآية إشارة إلى إن العجب يكون من إنكارهم لا من البعث ومعناه: إن كان لك عجب من شيء فمن إنكارهم البعث، فاعجب لأن العجب ما ندر وجوده وخفي سببه، وليس البعث مما ندر، وهم يشاهدون أحياء الأرض بعد موتها، واكتساء الأشجار بعد عريها، وعود النهار بعد زواله، والليل بعد ذهابه، وإخراج الحي من الميت والميت من الحي، ولا مما خفي سببه فان الله - سبحانه - هو الفاعل لذلك والمخترع له والقادر عليه وحكمته إظهار ما استتر عن خلقه من تدبيره، وما النشأة الثانية بأعجب من الأولى.

خامسا: الاستدلال على إمكان البعث بحصول أحد المتضادين، فان الأحياء بعد الموت لا يستنكر من حيث أنه يحصل الضد بعد حصول الضد، إلا أن ذلك غير مستنكر في قدرة الله - تعالى - لأنه لما جاز حصول الحياة مرة أخرى بعد الموت؟ فان حكم الضد ين واحد قال - تعالى - مقررا لهذا المعنى: (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين).

سادسا: الاستدلال على البعث والإعادة بإخراج النار من الشجر الأخضر:

1 - قال - تعالى -: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون).

2 - قال - تعالى -: (أفرءيتم النار التي تورون (71) ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون).

وفي الآيتين السابقتين استلال بتوليد النار مع حرها ويبسها من الشجر الأخضر مع برده ورطوبته

قال الفخر الرازي في قوله - تعالى -: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا). الآية " ووجهه هو أن الإنسان مشتمل على جسم يحس به حياة سارية فيه وهي كحرارة جارية فيه، فان استبعدتم وجود حرارة وحياة فيه فلا تستبعدوه فان النار في الشجر الخضر الذي يقطر منه الماء أعجب وأغرب، وأنتم تحضرون حيث منه توقدون وان استبعدتم خلق جسمه فخلق السماوات والأرض أكبر من خلق أنفسكم فلا تستبعدوه فان الله خلق السماوات والأرض "، وفي هذا عبرة عظيمة فان الله - تعالى - جمع في الأخضر بين الماء والنار والخشب فلا الماء يطفئ النار ولا النار تحرق الخشب. وفي قوله - تعالى -: (أفر أيتم النار التي تورون) الآيات إما أن يراد من الشجرة النار الشجرة التي توري النار منها بالزند والزندة كالمرخ والعفار، أو يراد بها الشجرة التي تصلح لإيقاد النار كالحطب فإنها لو لم تكن لم يسهل إيقاد النار، ووجه دلالة النار على البعث أن النار تكمن في الشجر والحجر ثم تظهر بالقدح وتشب بالنفخ، فالحجر، والشجر كالقبر والقدح والنفخ كالنفخة في الصور.

ثامنا: الاستدلال على البعث بأن حكمة الله وعدله يقتضيان البعث والجزاء. فان الله - تعالى - لم يخلق الناس عبثا ولن يتركهم سدى قال - تعالى -: (أيحسب الإنسان أن يترك سدى).

وقال - تعالى -: (أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) ’ فعدل الله وحكمته وإحقاقه الحق وإبطاله الباطل وإعطاؤه كل ذي حق حقه وتميزه بين الخبيث والطيب والمحسن والمسيء كل ذلك يأبى إلا أن يكون هناك يوم آخر بعد نهاية الدنيا ينال فيه كل إنسان جزاؤه وما يستحقه من الثواب والعقاب على ما قدم من خير أو شر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير