- أن البراءة قائمة على الإيمان بالله فمن كان مؤمنا بالله أحب في الله.
- أنها نهج الأنبياء، فمن أراد النجاة فليلحق بركابهم، ويستن بهديهم.
- أن البراءة ليست من أشخاصهم فحسب، بل ومن آلهتهم، وأفكارهم، ومذاهبهم.
- أنها مستمرة علنية، وليست مجرد شعور قلبي إلا عند الضرورة.
- أنها مما اتفقت عليه الشرائع، وليست لهذه الأمة الخاتمة فحسب.
- أن دعامتها التوكل على الله والدعاء كما ذكر في ختام الآية ((ربنا لجيك رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وإلَيْكَ أَنَبْنَا وإلَيْكَ المَصِيرُ)).
- أنه لا فرق في البراء بين قريب أو بعيد مادام قد وحد بينهم كفر أو شرك.
5 - الدعاء والتضرع: وهو السلاح الذي لا يحق للمؤمن أن يسير في ركاب الحياة بدونه، وقد امتدح الله خليله بدعائه فقال: ((إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ)) وقد تقدم معنى (الأواه)، ولذا تل أن نجد موطنا تذكر فيه دعوة إبراهيم إلا ويذكر معها جانب من تضرعه ودعائه ومن ذلك: ((رَبَّنَا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً ... ))، ((رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ))، ((وتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ))، ((واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ))، ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وتَقَبَّلْ دُعَاءِ))، ((رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوَالِدَيَّ ... ))، ((رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ... )). إلى آخر ما هناك من الدعوات المباركات، التي تضرّع بها إبراهيم، وخلدها القرآن، فكان قدوة في اللجوء إلى الدعاء.
6 - تحطيمه للأصنام: لم يكتفي إبراهيم في دعوته بالكلمة والحجة التي أبطل بها حجج الخصوم، بل عضد ذلك بعمل كبير، أقدم عليه بشجاعة وعلو همة، وهو تحطيم الأصنام التي تعلق بها قومه، حتى صرفهم تعلقهم بها عن التفكير في حقيقتها، والنظر في ماهيتها، فأراد إبراهيم أن يبين عن ذلك بالقول والفعل فكان بيانه القولي الذي شرحنا طرفا منه فيما تقدم، وكان بيانه الفعلي بما أقدم عليه من تحطيم الأصنام، وجعلها جذاذاً ((إلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إلَيْهِ يَرْجِعُونَ)). والآية هذه تشير إلى مدي البيان الذي أراد إبراهيم إبلاغه لقومه، فلم تأخذه فورة التكسير بتحطيمها كلها، بل ترك كبيرها لا لعجز ولا لخوف بل لعلهم إليه يرجعون، فيحقق إبراهيم غرضه من هذا الأسلوب الدعوي الرائع، وفعلاً لقد كان ما أراده إبراهيم حين قالوا: ((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ)) وحينها انقض عليهم كالشهاب: ((أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً ولا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ ولِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)) وتحقق لإبراهيم مراده حين قالوا: ((قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إن كُنتُمْ فَاعِلِينَ)) فالآلهة تحتاج إلى من ينصرها، ويدافع عنها، وتحقق له كذلك حين (رجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون) ولكنه التعصب الذي ردهم على أعقابهم ((ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ)).
7 - الهجرة: ذكر الله - تعالى - هجرة الخليل في ثلاثة مواطن فقال: ((ونَجَّيْنَاهُ ولُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) ((وقَالَ إنِّي ذَاهِبٌ إلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)).
فهو أول من هاجر لله - كما ذكره بعض المحققين - وكانت سنة لمن بعده من الأنبياء وأتباعهم، وممن عمل بها محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه، فكانت هذه من ثمرات تلك التجربة الإبراهيمية ولونا من الإقتداء به.
إن الهجرة أسلوب يلجأ الدعاة إليه لأن أرضهم ما عادت تقبل الكلمة الطيبة، فهم يبحثون عن أرض طيبة تحمل دعوتهم، أو لأن القوم المعرضين بدأوا يناوشون الداعية، ويوصلون الأذى إليه فهو يفر بدينه من الفتن ((ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وسَعَةً)).
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[29 - 01 - 06, 10:28 م]ـ
جزاك الله خير وهل توجد هذه الكلمات المباركات في أشرطة صوتية