لَم أَرضَ أَن أَهجُرَ حَصيناً وَحدَهُ حَتّى اِسوَدَّ وَجهُ كُلِّ حَصينِ
وأخرج أبو نعيم عن محمد بن وهب، قال: أنشدني بعض أصحابنا لابن المبارك:
أَلا اِقتَدَيتُم بِسُفيانَ وَمِسعَرِكُم وَبِاِبنِ مَغولٍ إِذ يَجمَعهُمُ الوَرَعُ
وَبِالتَقِيِّ أَخي طَيءّ فَرابِعُهُم زَينُ البِلادِ جَميعاً خَيرُةُ فَرِعُ
مِثلُ الفِراخِ تَراهُم في تَهَجُّدِهِم سُهدُ العُيونِ فَلا غُمضٌ وَلا هَجَعُ
جُلَّسُ البُيوتِ جُثوماً في مَنازِلِهِم إِلّا النَوائِبَ أَو تُزعِجهُمُ الجُمَعُ
خُمصُ البُطونِ مَعَ الأَكبادِ جائِعَةٌ لا يَطمَعونَ حَراماً خِشيَةَ الفَزَعِ
لِلناسِ هَمّ وَهُمُّ القَومِ أَنفُسُهُم عِندَ الحَصادِ القَومُ ما زَرَعوا
وقال بعضهم:
هَيهاتَ اِغتَر بِالسُلطانِ تَأتيهِ قَد ضَلَّ والِجُ أَبوابَ السَلاطينِ
وقال الإمام أبو القاسم الشاطبي صاحب القصيدة المشهورة:
يَلومونَني إِذ ما وَجَدتُ مُلائِماً وَمالي مُليماً حينَ سِمتُ الأَكارِما
وَقالوا تَعَلَّمَ العُلومَ نِفاقَها بِسِحرِ نِفاقٍ يَستَحِقُّ العَزائِما
وَقَلِّب جِناها حَولاً قَلباً بِما يُدني أُنوفَ الشامِخاتِ رَواغِما
وَلا بُدَّ مِن مالٍ بِهِ العِلمُ يُعتَلى وَجاهٍ في الدُّنيا يَكُفُّ المَظالِما
وَلَولا مَصابيحُ السَلاطينِ لَم تَجِد عَلى ظُلُماتِ السّبيلِ بِالحَقِ قائِما
فَخالِطهُم وَاِصبِر لِذُلِّ حُجّابِهِم تَنَل بِهِم عِزّاً يُسَمّيكَ عالِماً
وقال الجمال اللغوي في كتاب «المعجب» ومن خطه نقلت: أخبرني بعض الفضلاء: أن الأمير عز الدين حرسك بعث إلى الشيخ الشاطبي يدعوه للحضور عنده، فأمر الشيخ بعض أصحابه أن يكتب إليه هذه الأبيات وهي قوله:
قُل لِلأَميرِ مَقالَةً مِن ناصِحٍ فَطنٍ نَبيهِ
إِنَّ الفَقيهَ إِذا أَتى أَبوابَكُم لا خَيرَ فيهِ
وفي «التذييل» للبدر النابلسي: قال سعيد بن إبراهيم بن عبد ربه وقد انقبض عن الملوك في آخر عمره:
أَمِن بَعدِ غَوصي في عُلومِ الحَقائِقِ وَطولِ اِنبِساطي في مَذاهِبِ خالِقِ
وَفي حينِ إِشرافي عَلى مَلَكوتِهِ أَرى طالِباً رِزقاً إِلى غَيرِ رازِقي
وَقَد أَذِنَت نَفسي بِتَفويضِ خِلِّها وَأَسرَعَ في سوقي إِلى المَوتِ سابِقي
دونَكَ يا مَن يَرى النُصحَ ذِلَةً اِستَوسَعَ فيكَ الشامِتينَ المَراجِما
إِذ لَعِبَت صِبيانُهُم بِكَ وَاِبتَغَت شُيوخُهُم فيكَ الصُروفَ الفَواتِحا
فَقُلتُ مُجيباً لَيسَ يُسعِدُني سِوى نَجى الحَشا وَالدَمعُ يَنهَلُ حاجِما
إِلى اللَهِ أَشكو وَحدَتي في مَصائِبي وَهَذا زَمانُ الصَبرِ لَو كُنتُ حازِما
وَكَم زَفَرٌ تَحتَ الضُلوعِ لَهيجُها حَكيمٌ يَبيعُ العِلمَ بِالجورِ حاكِما
وَكَأَنَّ جِنابَ العِلمِ يَسمو بِأَهلِهِ إِلى أَطيَبَ أَنفاسِ الحَياةِ تَواسِما
يَرُدّونَ دُرتَ بِهِ زَهرَةَ الدُنيا إِلى نَجعَةِ الأُخرى فَيَرتادُ حائِما
وقال الحافظ أبو نصر بن ما كولا:
تَجَمَّعَت أَبوابُ المُلوكِ لِآتي عَلِمتُ بِما لَم يَعلَمِ الثَقِلانِ
رَأَيتُ سُهَيلاً لَم يَحُد عَن طَريقِهِ مِنَ الشَمسِ إِلّا مِن مَقامِ هَوانِ
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن زيد بن أسلم قال: كنت مع أبي حازم فأرسل إليه عبد الرحمن بن خالد الأمير أن ائتنا حتى نسألك وتحدثنا. فقال أبو حازم: «معاذ الله أدركت أهل العلم لا يحملون العلم لأهل الدنيا فلن أكون أول من فعل ذلك فإن كان لك حاجة، فأبلغنا» فأرسل إليه عبد الرحمن قد ازددت عندنا بهذا كرامة.
انتهى
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 09:19 م]ـ
سلمت يمينك
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[10 - 11 - 05, 10:45 م]ـ
جزاك الله خيرا