وحتى العامة من أبناء المملكة (الوهّابيين) -وهو مصطلح يطلق على جميع أبناء المملكة عند الإباضية - لم يسلموا من الذم والشتم! وخاصة حرس الحدود منهم؛ ودائما ما يتسلون بالقصص التي تحكي أن هؤلاء (الوهابية) عند الحدود لا يحبون العمانيين ويرمون بحقائبهم وحاجاتهم وأنهم يؤخرونهم لأنهم إباضية فقط.
والحق كل الحق بأني لم أر مثل هذا! فلقد ذهبت إلى المملكة عن طريق البر أكثر من خمس مرات ولم أر هذا الشيء أبداً! وإن كان هناك قلة منهم فهذا في كل بلد وليس في المملكة فقط.
فنشأ لي بعض التعصب المذهبي بسبب الكلام الذى أسمعه من الذين يأتون من العمرة أو الحج، أو حتى الذين لم يذهبوا إلى الحج أو العمرة بأن (الوهابية) يكرهون (الإباضية)، ويكرهون المذهب الإباضي أشد الكره لأنهم على الحق – أي المذهب الإباضي – وأنهم عندما يرون إباضيا يصلي في الحرم ينظرون إليه نظرة كره ومن ثم يكلمونه بكلام قوي شديد – وهم لم يروا هذا وإنا مجرد أنهم سمعوا فقط - وإذا سألتهم هل ذهبت إلى السعودية يقول لك: لا! فوا عجباه!!
بداية الغيث
ومرت السنين، ومنّ الله عزوجل عليَّ بالذهاب للعمرة لأول مرة في حياتي، وكان ذلك في أوائل شهر رمضان المبارك قبل خمس سنوات، وكان معي في هذه الرحلة ابن عمي وكان من المتعصبين للمذهب. وعندما قرُبنا من المدينة النبوية وقفنا لنصلي إحدى الصلوات المكتوبة في أحد المساجد المنتشرة على الطريق، وبعد الانتهاء من الصلاة، أتانا أحد الشباب السعوديين – وأظنه طالب علم - وقال لنا باحترام وبأسلوب محترم وكلام طيب - وكان يريد النصيحة -: أخوتي ممكن أتكلم معكم؟ فتكلم ابن عمي وقال: تفضل؟ فسألنا عن هيئة الصلاة التي صليناها وقد استغرب وحق له الاستغراب لأنه أول مرة يرى هذه الهيئة في الصلاة.
فقال ابن عمي وكان يتكلم بعصبية: نحن إباضيين، ولنا كتاب هو أصح كتاب بعد القرآن نأخذ منه فقهنا وأحاديث المصطفي صلى الله عليه وسلم وهو مسند الإمام الربيع، وليس لك دخل فينا! فاستغرب الشاب السعودي من هذا الكلام الذي يسمعه لأول مرة في حياته، لأنه معروف في العالم الإسلامي أن أصح كتاب بعد القرآن الكريم باتفاق الأمة هو صحيح البخاري وصحيح مسلم، ولم يسمع في حياته عن هذا الكتاب المسمى بمسند الربيع، المهم بعد هذه المناقشة جلست أفكر، تارة أغضب وأقول في نفسي لماذا يتكلم معنا هذا الشاب وما هو دخله في هيئة صلاتنا؟ وتارة استغرب من هذا الكلام وانتبه لماذا نحن مختلفون عن بقية الناس كما يقول لنا هذا الشاب؟!
وزاد استغرابي حينما أرى الناس -حتى من غير السعوديين - ينظرون إلى صلاتنا مستغربين، ووقفت أرى جموع الناس الذين يختلفون في صلاتهم عن صلاتنا، لأني لأول مرة أرى المصلين خارج بلادنا، فإذا بأغلب الناس يصلون بالرفع والضم! ولا أرى أحدا يصلى بإسبال اليد إلا قلة قليلة!!
وكان هذا بداية الغيث ولله الحمد أولاً وأخيراً.
نور السنة تطفئ ظلمة البدعة
ومرت الأيام والشهور، وكان معي في العمل زميل هو أيضا إباضي وسافر إلى الخارج ومنّ الله عليه فاهتدى إلى مذهب أهل السنة والجماعة، وبدأت أسرد له كيف كان ذهابي للعمرة .. الخ، فلما رآني متحمساً بدأ يدعوني لنور السنة فجزاه الله ألف خير وغفر له وأدخله فسيح جناته لأنه كان له الفضل بعد الله تعالى في هدايتي.
قال لي في يوم من الأيام بأن عقائد ومذهب الإباضية ليست هي العقيدة الإسلامية الصحيحة وهم يختلفون كثيرا مع العقائد الصحيحة التي أثبتها الله عز وجل في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وضرب لي أمثلة، منها: نفي صفات الله عز وجل. فقال بأن صفات الله عز وجل مذكورة في القرآن الكريم والسنة المطهرة فكيف لنا أن ننفيها؟! ومنها يقولون- أي الإباضية - بأن الله ليس بفوق وأنه ليس بمستوى على عرشه وهو في كل مكان ويؤولون آيات العلو لنفي التشبيه بزعمهم .. الخ،
والله تعالى يقول في أكثر من آية (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [(لأعراف: 54)، (يونس: 3)، (الرعد: 2)، (السجدة: 4)، (الفرقان: 59)، (الحديد: 4)].
ويقول تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5).
¥