(حررته تحريرا بالغا أي تاما قد بالغ فيه ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغا)
تحريرا بالغا أي مبالغا من صحة الحديث أو ضعفه أو ما فيه من علة قد اعتنى رحمه الله بهذا عناية تامة.
أي في العلم والفضل من اعتنى به وحفظه نبغ في العلم والفضل على زملائه الذين لم يعنوا كعنايته
(وليستعين به الطالب المبتدي ولا يستغني عنه الراغب المنتهي)
وهو كتاب ينفع الطالب المبتدي نفعا كبيرا ‘ ولا يستغني عنه من بلغ في العلم القمة لأن فيه أمهات الأحاديث وأمهات الأدلة وكل محتاج إليها الطالب المبتدي والراغب المنتهي كل محتاج إلى ما فيه من الأحاديث العظيمة (وقد بينت) أي أوضحت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة وصدق في ذلك وقد بين ذلك في هذا الكتاب لإرادة نصح الأمة لأن بيان من خرج الأحاديث بيان صحتها وضعفها لا شك أنه من نصح الأمة والدين النصيحة
والنصيحة لأي مؤلف كان أن يوضح الأدلة وأن يبين درجات الأحاديث وأن لا يغفل عن ذلك بل يبين. هذا من النصح والمؤلف قد فعل ذلك وأدى هذا الواجب كثير من المؤلفين يجمعون الأحاديث ويعزونها ولكن لا يبينون درجاتها من الصحة والضعف وبعضهم لا يعزوها بل يأتي بها بدون خطام ولا زمام وهذا نقص كبير.
وأحسن منه عزاها إلى أهلها ومن رواها ولكن إذا لم يتبعها ببيان درجاتها يكون العزو ناقصا إلا إذا عزاها إلى الصحيحين فالصحيحان معروفان وأنهما يتلقيان بالقبول ولكن قد يعزوها إلى غير الصحيحين إلى الأربع أو مسند أحمد وموطأ مالك أو الطبرانى أو الدار قطني أو الدار مي.فيحتاج طالب العلم إلى أن يعرف حالها هل هي من الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة أو الموضوعة
الحاصل أن كثيرا من الأئمة قد اجتهد في هذا وهو كثير جدا قد يعزونه ولكن لا يبينونه لأسباب منها أن بعضهم قد يشغل عن ذلك بأمور كثيرة تشغله عن العناية بمراجعة الأدلة وبيان حالها.
ومنها أنه قد يكون قاصرا وليس بقدرته أن يعرف مراتب الأدلة ولكنه دعت الحاجة إلى أن يجمعها وليس في قدرته أن يوضح درجاتها وحكمها عند أهل العلم.
وقد تكون هناك أسباب أخرى تحول بينه وبين البيان والمؤلف قد وفق في كتاب هذا رحمه الله إلى بيان حال الأحاديث التي يذكرها وبيان حكمها من الصحة والضعف ونحو ذلك وقد أحسن ذلك رحمه الله.
فإذا قال أخرجه السبعة والمراد: الإمام أحمد في مسنده والستة الذين هم البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه الذين أهل السنن لأربع
وإذا قال الستة فالمراد غير أحمد وهم البخاري ومسلم والسنن لأربع
وإذا قال الخمسة فالمراد غير البخاري ومسلم وهم الإمام أحمد والسنن لأربع
وقد يقول: رواه لأربعة وأحمد فالعبارة واحدة وإذا قال لأربعة فالمراد أهل السنن لأربع
وإذا قال رواه الثلاثة فالمراد أبو داود والترمذي والنسائي فقط دون ابن ماجه
وإذا قال متفق عليه فالمراد البخاري ومسلم وهي عبارة مشهورة عند أهل العلم يقصدون به البخاري ومسلم إلا صاحب المنتقى المجد بن تيميه رحمه الله إذا قال متفق عليه فإنه يريد البخاري ومسلما والإمام أحمد ثلاث وما سوى ذلك فهو مبين فيقول رواه الطبراني رواه الدار قطني رواه الدارمي رواه صاحب المختارة إلى غير ذلك وإذا قال أخرجه الشيخان أو أخرجاه هما البخاري ومسلم قال رحمه الله:ـ وسميته (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) أي بلوغ المقصد من أدلة الأحكام وهذه مبالغة وإلا فإن طالب العلم يحتاج إلى المزيد وإلا فبلوغ المرام فيه جملة أصول فإن من حفظه بلغ المرام في الأصول وليس معنى هذا أنه عرف كل شئ في علم الحديث هناك أحاديث كثيرة لم يذكرها المؤلف رحمه الله يحتاجها طالب العلم لمعرفة الأدلة والبحث) .. (والله أ سأل) لفظ الجلالة منصوب في محل مفعول من جهة الإعراب
(والله أسأل أن لا يجعل ما علمنا علينا وبالا وأن يرزقنا العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى)
هذا دعاء حسن ينبغي لكل طالب أن يسأل ربه أن يجعل ما علمه إياه رحمة له وإحسانا إليه وسببا لنجاته وأن لا يجعله وبالا لأن من تعلم ولم يعمل به يكون علمه وبالا عليه كاليهود.
¥