وفي لفظ له ((فليرقه)) و للترمذي: ((أخراهن أو أولاهن))
ش / أبو هريرة رضي الله عنه تقدم لنا أن أحسن ما قيل فيه أنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه الصحابي الجليل الحافظ بل اشتهر عند أئمة الحديث أنه أحفظ الصحابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسباب مبينة في محلها
قال ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)) رواه مسلم وفي لفظ له أي مسلم ((فليرقه)) وللترمذي ((أخراهن أو أولاهن))
هذا الحديث الصحيح وما جاء في معناه من الأحاديث فإن هذا الحديث له أصل في الصحيحين وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)) وهكذا رواه الشيخان زاد مسلم: (أولاهن بالتراب)
وله شاهد أيضا من حديث عبد الله بن مغفل وأحاديث أخرى في الباب
كلها تدل على أن ولوغ الكلب له خصوصية في تعداد الغسلات وخلط بعضها بالتراب
قيل لأنه يشتمل على أمر يضر الناس من وجهة الطب و من وجهة المعنى فبولغ في ذلك لهذا المعنى
والصواب أن ذلك لخبث نجاسته لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ((طهور إناء أحدكم)) ولو كان الطب لكان الأمر آخر والصواب أن الغسل لنجاسته وخبثه لأن الإناء ليس محلا للحدث فعلم أنه إنما غسل للنجس / والتطهير يكون لكل نجاسة أو حدث من جهة المكلفين أما غير المكلفين فلا يكون إلا للنجس، فليس للحدث فالجماد ليس منه حدث بل يكون من النجس والإناء ليس مكلفا بالطهارة المعنوية من الأحداث وهكذا الأراضي وغير ذلك.
فالحاصل أن هذا يدل على أن هذا الإناء أصابته نجاسة فلهذا شرع تطهيرها بالماء والتراب وجاء بهذا العدد ولا بد من سبع لحكمة بالغة ومن الظاهر في ذلك أنها المبالغة في السلامة من آثار ولوغه ولعل مع النجاسة شيئا آخر قصده الشارع وعلمه من شر ولوغه وريقه فيكون مع النجاسة أشياء أخرى اقتضت الغسل بالتعداد بهذا العدد المعين مع التراب
* وهذا خاص بالكلب ولا يقاس عليه غيره لأن العبادات توقيفية أي أمور لا تدرك بالرأي والقياس وإنما بالتوقيف ولم يأت في غير الكلب تعداد الغسل بهذا المعنى وإنما جاء في الكلب خاصة فبول الأعرابي كما جاء في حديث الأعرابي كما سيأتي صب عليه ماءاً فقط وترك يسيل بالماء وتفرق به الماء
والحائض قال لها إذا أصابها دم الحيض تحتُّه وتقرصه بالماء و تنضحه وتصلي فيه)
وروي في بعضها (بماء وسدر) بماء وحجر تحكه بالحجر، هذا يدل أن هذه الخصوصية لريق الكلب
* وبول الصبي جاء فيه أن يُنضح بالماء إذا لم يأكل الطعام ويغسل إذا كان يأكل الطعام ولم يرد فيه التسبيع فدل هذا على ذلك خاص بالكلب فقط
* وأما ما ولغ فيه فإنه يراق لأن ريقه له أثر فيه وولوغ الكلب عادة يكون في الأواني الصغيرة والماء الذي فيها قليل فلهذا قال: (فليرقه) وإن كانت هذه الرواية انفرد بها بعض الرواة ولكنه ثقة فالأولى أن يراق هذا الماء لأنه في الغالب قليل ليس من المياه الكثيرة التي تدفع عن نفسها كالقلتين وما هو أكثر منها فالغالب أن هذه الأواني مياهها قليل فجاء فيه الإراقة بخلاف ما لو كان حوضاً و ماءً كثيراً فإنه لا يراق (والماء الطهور لا ينجسه شيء كما تقدم) إذا ولغ في حوضٍ أو غدير أو في جابية وما أشبه ذلك أو في إناء كبير بخلاف المعتاد لا يراق لأنه يدفع عن نفسه حينئذٍ
فكلام النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على العادة المعروفة بين الناس وأن الأواني ليس بالكبيرة بل تحمل وتنقل من هنا وهنا
* وأما الحكمة في التراب والله أعلم أن ذلك لإزالة الآثار التي تقع من الولوغ لأن في الولوغ أشياء قد يكون طبيه وقد تكون لأشياء أخرى مؤذية فيكون في غسلها بالتراب إزالة لها وقلعاً لأثرها
وكونه في الأولى كما في رواية مسلم ليتعقبها الماء فلا يبقى لها أثر لأن الماء الذي بعده ست غسلات الأخيرة تنقي المحل من التراب ومن بقية آثار الولوغ
وأما رواية ((إحداهن أو أخراهن)) هذا شك من الراوي والشاك يقدم عليه من أثبت
فإن من روى أولاهن فقد أثبت بدون شك فيكون أولى , أولى الغسلات تكون بالتراب وإن جعلها في الثانية حصل المقصود لكن الأولى أن يكون التراب في الأولى
لحديث عبد الله بن مغفل (وعفروه الثامنة بالتراب) كما جاء في الصحيحين
¥