كثير من أهل العلم على أن التراب إذا نظر إليه بمفرده صار ثامناً فإذا نظر إليه بضمه إلى إحدى الغسلات صارت الغسلات سبعاً
وقال بعضهم يجب أن تكون الغسلات ثماناً أخذاً بالظاهر حديث عبدالله بن مغفل رضي الله عنه (و عفروه الثامنة بالتراب)
وإذا فعل ذلك أخذ بحديث عبد الله بن مغفل فلا بأس وهذا من باب الحيطة ومن باب الأخذ بالظواهر وإن اعتبر ما قاله الجمهور من أن المراد بالثامنة إن نظر إلى مفردها فهي ثامنة وإن نظر إلى ضمها إلى الماء فهي سابعة فهو قول قريب وليس ببعيد، وليس في الزيادة إلى الثامنة مضرة بل هي خير لا شر لظاهر حديث عبد الله بن مغفل ولكن أغلب الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرها ليس فيه إلا السبع فإذا اكتفى بالسبع كفى وحمل قوله في الثامنة على أنها بالنظر إلى كونها ترابا يعتبر ثامنة وبالنظر إلى كونها مضمومة إلىإحدى الغسلات فهي سابعة.
كما في الروايات الأخرى.
يبقى أن نعرف حكم النجاسات الأخرى فيكفي فيها المكاثرة بالماء وظن النقاء فإذا غسل بقية النجاسات بما يظن أنه أزال الأثر كفى ولا يلزمه أن يكون سبعاً ولا ستاً ولا خمساً ولا ثلاثاً المهم أن يريق الماء على النجاسة بما يظن أنه أزال أثرها ولم يبقى لها بقية إذا كانت في ثوب أو إناء أو غير ذلك فالعدد الخاص بالسبع خاص بالكلب
الحديث الثالث عشر: وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله قال: في الهرة (أنها ليست بنجس , إنما هي من الطوافين عليكم) أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة
أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي الأنصاري الفارس المعروف صحابي جليل
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الهرة (إنها ليست بنجس) بفتح الجيم هو نجس العين
يقال: نجس و متنجس هذا المشهور عند أئمة اللغة
ما كانت بنجاسته ثابتة كالكلب والخنزير , ما أصابته نجاسة طارئه كالثوب تطرأ عليه النجاسة يقال نجس
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الهرة ليست بنجس ثم علل بأنها من الطوافين وفي رواية أخرى (و الطوافات)
هذا يدل على أن العلة في رفع النجاسة عنها أنها من الطوافين علينا و الطوافات ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن سامح العباد وعفا عن آثار الهرة من جهة ولوغها أو مما يصيب الناس من جسدها فإنها من الطوافين علينا فولوغها في الماء أو أكلها من الطعام لا ينجس الطعام ولا ينجس الماء بل ذلك عفو وليست بنجس لأنها من الطوافين مما نبتلى به والله عفا عن ذلك وإن كانت في نفسها محرمة الأكل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور والكلب فهي محرمة الأكل وهي من السباع التي لا تؤكل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (حرم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) فهي من جنس السباع كالثعلب والذئب والأسد والنمر والكلب، كلها محرمة
ولكن الهرة تأنس بالناس وتطوف عليهم وتدخل في بيوتهم فمن رحمة الله أن عفا عما تصيبه بفمها لأنها تخالط وتطوف على الناس فإذا حكم بنجاستها تعب الناس من ذلك وشق عليهم ذلك فمن رحمة الله أن رفع عن العباد الحرج والعسر والمشقة وألحق بذلك على الصحيح الحمار والبغل فإنها محرمان ولكن يعفى عن سؤرهما وعرقهما كالهرة لأنه من الطوافين علينا ولأن الناس يحتاجون للبغل والحمار يركبونهما ويحملون عليهما الحاجات ولا سيما قبل وجود السيارات كانت هذه الحيوانات هي آلة الركوب ونقل الحاجات مع الإبل
أما الخيل فهي مباحة فهي مما أباح الله أكله فهي من جنس الإبل والغنم بولها وعرقها و سؤرها كله طاهر
أما الحُمر فهي محرمة ولهذا بحث في سؤرها وفي عرقها
والصواب والذي عليه المحققون أنها ملحقة بالهرة وأنه يتسامح في سؤرها فإذا شرب الحمار أو البغل في إناء فلا حرج في استعمال ما بقي منه ذلك
وكذلك إذا ركبه عريا وعرق ظهر الحمار أو البغل فلا بأس بذلك.
وكذلك ما يقع من مخاط إذا حرك أنفه كل ذلك يعفى عنه لأن راكبه وسائسه يصاب بذلك.
أما بوله وروثه فهو نجس كبقية الحيوانات المحرمة روثه نجس وبوله نجس.
فالهرة بولها نجس وروثها نجس وهكذا بقية السباع والحيوانات المحرمة كلها بولها وأرواثها نجسة فالكلام في السؤر والعرق وهذا محل بحث والصواب أنه من الحمار والبغل والهرة يعفى عنه ويؤخذ طهارته من كونه من الطوافين علينا والطوافات.
...
¥