((الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) متفق عليه.
ظاهر الحديث كون الإناء من الذهب أو الفضة كله
.........
وثبت في حديث ابن عمر عند الدار قطني والبيهقي وسنده حسن ((من شرب في إناء ذهب أو فضة أو في إناء فيه شئ من ذلك فإنه يجرجر في بطنه نار جهنم))
فهذا يدل على أن المشترك الذي فيه شئ من الفضة أو شيء من الخشب أو غير ذلك داخل في النهى أيضا وأنه لا ينبغي استعمال إناء الفضة الذي هو إناء كامل من الفضة ولا ما هو مخلوط أو مموه بذلك لأن العلة والمعنى موجودان. وينبغي ترك ذلك وأن تكون هذه الأشياء للكفار لا لنا لاستعجالهم العاجلة وإيثارهم لها ولسنا مثلهم.
ويستثنى من ذلك الضبة في الإناء من الفضة كما سيأتي في آخر الباب فلا بأس أن يضبب الإناء بشيء من الفضة لأنها أخف من الذهب وأقل كلفة وأقل شأنا فلهذا جاء فيها التسامح بخلاف الذهب فإنها ممنوعة مطلقا.
س / الجمع بين حديث ابن عمر وحديث الاستثناء لشيء من الفضة:
ج / هذا عام وهذا خاص، يدل على تخصيص حديث ابن عمر والخاص مقدم على العام وحديث أم سلمه مثل حديث حذيفة دال على تحريم إناء الذهب والفضة لأن حديث أم سلمة في الفضة وزاد مسلم في رواية (في إناء ذهب أو فضة) فهو مثل حديث أبي حذيفة في المنع من ذلك وأنه لا يجوز له استعماله للشرب فيها و الأكل فيها. ويلحق بذلك عند أهل العلم استعمالها في الوضوء والغسل وهو الشاهد من ذكره هنا إذا حرم الأكل فيها والشرب هكذا الاستعمال في الوضوء والغسل، وكلام الشارح ليس بجيد عند ما اعترض على هذا، والصواب ما قاله أهل العلم، حتى حكى بعضهم إجماعا أن استعمالها في الوضوء والغسل كالأكل والشرب لا يجوز، ثم أيضا إيجاد مثل هذه الأواني وسيلة إلى استعمالها بالأكل والشرب فيها فينبغي تركها بالكلية لأن في صنعها وجعلها أواني وتهيئتها للشرب والأكل وسيلة إلى استعمالها في ذلك.
وهكذا استعمالها في الطهارة هو وسيلة إلى الشرب والأكل وهو امتهان أكبر إذا حرم فيها الأكل والشرب مع أن الضرورة تدعو إلى ذلك فتحريمها في استعمالها اظهر وأولى من حيث المعنى. ففيه امتهان أكثر وفيه كسر لقلوب الفقراء ويكون فيه الخيلاء أكثر فما قاله الجمهور وهو كالإجماع من أهل العلم أظهر وأولى وأنه يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب والطهارة وسائر أنواع الاستعمال كأن تتخذ زينة في المجالس لا يجوز ذلك لأنها وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب ونحو ذلك
ويدخل في ذلك أكوابُ الشاي وأكواب القهوة ويدخل في ذلك أيضاً الملاعق فإنها تستعمل للشرب والأكل.
...
الحديث العشرون: وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا دُبغ الإهاب فقد طهر)) أخرجه مسلم.
الحديث الحادي والعشرون: وعن الأربعة ((أيما إهاب دبغ)).
الحديث الثاني والعشرون: وعن سلمه بن المحبق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((دباغ جلود الميتة طهورها)) صححه ابن حبان
الحديث الثالث والعشرون: وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: مر النبي صلى الله عليه وسلم
بشاة يجرونها فقال ((لو أخذتم إهابها)) فقالوا إنها ميتة فقال ((يطهرها الماء والقرظ)) أخرجه أبو داوود والنسائي.
هذه الأحاديث الثلاثة حديث ابن عباس وميمونة وسلمة ابن المحبق
المحبق: يقال بالفتح وبالكسر وقال بعضهم يفتح عند المحدثين ويكسره اللغويون.
والحاصل أنه لغتان المحبَّق والمحبِّق. وقد أخرجه أبو داوود والنسائي.
والأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها تدل على أن جلود الميتة تباح وتطهر بالدباغ كجلد الإبل والبقر والغنم وأشباهها مما يؤكل لحمه. إذا ماتت ودبغت طهرت كما هو صريح حديث ابن عباس ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر))
قال النووي رحمه الله: (الإهاب جلد ما يؤكل لحمه) ويطلق على غيره جلد وأديم ويقال لجلد ما يؤكل لحمه إهاب، وتطهيره يقال له الدبغ
وجاء في الرواية الثانية ((أيما إهاب دبغ فقد طهر))
وجاء في حديث سلمة ((دباغ جلود الميتة طهورها)) أي تطهيرها
ويجوز طَهورها بالفتح أي أداة تطهيرها يقال للماء الذي يعد للتطهر طهور.
والمعنى أن الدباغ أداة الطهور
¥