* وقال آخرون: ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه فهمه من قوله (غرا محجلين) فزاد من كلامه (فمن استطاع منكم .... ) إلى آخر الحديث وأن هذا من كلامه الموقوف المدرج وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن إطالة الغرة غير متيسرة لأن الوجه مستقل والرأس مستقل فإذا أطال وزاد أخذ من الرأس ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه أطال التحجيل ولا الغرة بل كان يغسل الذراعين فقط والمرفقين ثم يشرع في العضد لإدخال المرفق ويشرع في الساقين لإدخال الكعب فقط كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 0
كان إذا توضأ غسل ذراعيه حتى يشرع في العضد وإذا غسل الرجلين شرع في الساق
وهذا للدلالة على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء وأنهما مغسولان تبع الذراع وتبع القدم
أما أن يمد الذراع إلى الإبط أو ما حول ذلك فلا وهكذا في الساق لم ينقل عنه أنه كان يمد في غسل الساق فدل ذلك على أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه وأنه مدرج ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد أطال في هذا العلامة ابن القيم رحمه الله وبسط القول وأيد هذا القول0
وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله عن نعيم المجمر الراوي لهذا الحديث أنه يشك هل هذه الكلمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه
ورواه عدد وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا هذه الزيادة (من استطاع منكم) بل اقتصروا على قوله (من آثار الوضوء) وهذا يؤيد أن الزيادة من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأرجح والأظهر أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه أدرجها في الحديث 0 وأنه لا يستحب أن يطيل في غسل الساق ولا في غسل العضدين ولكن يغسل المرفقين مع الذراع ويغسل الكعبين مع القدم كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك 0
* ويكون معنى (إلى) بمعنى (مع) (إلى المرفقين) أي مع المرفقين (إلى الكعبين) أي مع الكعبين
فالسنة تفسر القرآن وتوضح معنى القرآن الكريم
وهذا مثل قوله جل وعلا (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي مع أموالكم 0
...
الحديث الخمسون: وعن عائشة رضي الله عنهما قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم ((يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)) متفق عليه وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ...... الخ
ش / هذا يدل على شرعية التيامن في الأشياء وعدم البداءة باليسار وأن الأفضل هو التيمن في التنعل فيبدأ باليمنى حين ينتعل، ويبدأ بالشق الأيمن حينما يترجل يرجل رأسه، وحين يحلق كما في الصحيح أنه بدا بالشق الأيمن لما حلق في حجة الوداع 0
وهكذا في طهوره يبدأ باليمنى في يديه وفي رجليه وشقه الأيمن في الغسل
(وفي شأنه كله) وهذا يدل على أن الأفضل البداءة باليمين في كل شيء مقصود له شأن بخلاف غير المقصود المفضول بخلاف المستقذر بخلاف إزالة النجاسات والأوساخ فإنها تبدأ باليسار هذا هو المعروف من سنته علي الصلاة والسلام 0
الشيء الأفضل يكون باليمين كالنعلين والخفين والقميص والسراويل يبدأ بالأيمن عند اللبس وعند الخلع يبدأ بالأيسر حتى تكون اليمنى أول ما تنعل وآخرهما تخلع وهكذا في القميص والسراويل ونحو ذلك وهكذا في دخول المسجد يقدم اليمين بخلاف الخروج0
وعكسه في دخول محل قضاء الحاجة فإنه مستقذر مرذول فيبدأ باليسار وسيأتي هذا في أحاديث كثيرة كون اليمنى لأكله وشربه وطهوره وأخذه وعطائه إلى غير ذلك والطهور كذلك مقصود فيبدأ بالأيمن 0
أما ما يستقذر كالاستنثار يكون باليسار وكإزالة النجاسة تكون باليسار وكالاستنجاء والاستجمار يكون باليسار فإنه مستقذر هذا هو الجمع بين نصوص الباب وهو كون اليمين للأفضل والمقصود، واليسار لغير المقصود ولغير الأفضل وللمستقذر
وإذا جمعت أحاديث الباب وجدتها تدور على هذا 0
والله سبحانه وتعالى أعلم 0
...
الحديث الواحد والخمسون: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
¥