لا يثبت في هذا الباب شيء أي لا يثبت في باب نفي الوضوء لمن يذكر اسم الله عليه شيء ومن أجل هذا ذهب الجمهور إلى أن التسمية لا تجب وإنما تستحب فقط لأن الأحاديث فيها ضعيفة.
وذهب قوم إلى وجوب التسمية مع الذكر وسقوطها مع النسيان أخذا بهذه الأحاديث التي جاءت وإن كان فيها ضعف لكنها كثيرة
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: مجموعها يقضى بأن لها أصلا وأن الحديث حسن من أجل تعدد الطرق.
وقد قالوا في الضعيف الذي لا تصل درجته إلى السقوط ليس ضعفه من أجل شذوذه ولا من أجل أن فيه كذابين متروكين وإنما ضعفه من أجل سوء حفظ بعض الرواة قالوا: أنه إذا تعددت طرقه يرتفع إلى درجه الحسن والقبول
كما قال الحافظ ابن حجر في النخبة:
ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع
وقال الحافظ العراقي في الألفية:.
فإن يُقل يُحتج بالضعيف فقل إذا كان من الموصوف
رواته بسوء حفظ يجبر بكونه من غير وجه يُذكر
وإن يكن لكذب أو شذا أو قوى الضعف فلم يجبر ذا
فالمقصود أنه إذا كان لسوء لحفظ انجبر بطرق وارتفع إلى درجة المقبول لأن المقبول عند أهل الحديث أربعة أقسام:
القسم الأول: الصحيح لذاته وهو الذي استقامت طرقه لأنه رواية جيدة من طريق الثقات الأثبات مع اتصال السند ومع تمام الحفظ ومع عدم الشذوذ والعلة هذا يقال له الصحيح لذاته لأنه جاء من رواية عدل عن عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ
- والثاني: الحسن لذاته وهو مثل الصحيح لذاته إلا أن رواته في الحفظ دون رواة الصحيح يعني حفظهم أقل مع كونهم ضباطا حافظين.
والثالث: الصحيح لغير ذاته وهو الحسن إذا تعددت طرقه فهو الصحيح لغير ذاته بل لغيره
والرابع: الحسن لغير ذاته بل لغيره إذا تعددت الطرق فهي أربعة أقسام وهذا القسم الرابع محل نظر كثير ما تلتبس فيه الآراء لاختلاف الطرق التي تعددت فلهذا تجد بعضهم يحسنه وبعضهم يضعفه بحسب ما وصل إليه من العلم في ضبط الراوي وعدم ضبطه وفي اتصال السند وعدم اتصاله وفي جهالة الراوي وفي عدم جهالته فمن أجل ذلك تختلف آراؤهم رحمة الله عليهم في هذا القسم الرابع.
فهو مما يستشهد به ولكن لا يعتمد عليه في الأصول فهي من قبيل أحاديث الترغيب والترهيب ومن قبيل الإعتضاد والاستشهاد هذا هو أحسن ما قيل فيه.
ولهذا فالوضوء ينبغي فيه التسمية ولكنها وجوبها فيه نظر مع الذكر وذهب أحمد رحمه الله في رواية تجب مع الذكر وتسقط مع النسيان وذهب الجمهور مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم إلى أنها لا تجب لضعف هذه الأحاديث كما عرفت وأنها لا تثبت كما قال أحمد بسبب ما اعترى أسانيدها من ضعف وبهذا يكون أعدل الأقوال أن التسمية متأكدة وأما الوجوب فمحل نظر ولكنها متأكدة ولا يحسن تعمد تركها بل يشرع له أن يأتي بها في أول الوضوء هذا هو الأحوط والأولى فإن تركها فالصواب عدم بطلان الوضوء فالوضوء صحيح ولكن ترك ما ينبغي فعله إذا تعمد ذلك.
...
والحديث الثاني: حديث طلحة بن مصرف اليماني
الحديث السابع والخمسون: وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق أخرجه أبو داوود بإسناد ضعيف.
طلحه إمام معروف ثقة عند الشيخين. لكن مصرفا أبوه مجهول عند أهل العلم لا يعرف ولهذا ضعف الأئمة رواية طلحة عن أبيه عن جده وقالوا إنها رواية منكره مجهولة لا تعرف وهذا السند ليس بشيء عند أهل العلم وإن كان نفس طلحة جيد وثقة معروف لكن روايته عن أبيه وعن جده ليست بشيء عند أهل العلم لأن أباه غير معروف بل هو مجهول فتكون الرواية ضعيفة ولهذا قال المؤلف رحمه الله بإسناد ضعيف. لأجل جهالة مصرف والد طلحة وعدم معرفة أهل العلم له وعدم توثيقهم له فهو حديث ضعيف
وفيه أنه كان يفصل بين المضمضة وبين الاستنشاق يعني النبي صلى الله عليه وسلم. والفصل بينهما أن يأخذ للمضمضة غرفة وللاستنشاق غرفة هذا هو الفصل يعني يمضمض من كف لهذا ومن كف لهذا هذا هو الفصل.
فيكون للمضمضة ثلاث غرف وللاستنشاق ثلاث غرف الجميع ست إذا كمل الغسلات ثلاثا هذا على رواية الفصل.
وإما على رواية علي فإن المتوضئ يمضمض بكف واحدة ويستنشق بكف واحدة بعض الكف للمضمضة وبعضها للاستنشاق
¥