قال وهو معلول أعله جماعة من الحفاظ لأن همام بن يحيى وهم فيه ورواه عن الزهري عن أنس. قالوا: والصواب أن همام رواه عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس في لبس خاتم الذهب ثم خلعه ثم لبس خاتم الورق فوهم همام ورواه عن الزهري وترك زياد بن سعد وأتى بهذا اللفظ (إذا دخل الخلاء وضع خاتمه) هكذا قال جماعة.
وقال آخرون: ليس فيه وهم فهذا حديث وهذا حديث وهمام حافظ كبير ثقة يفهم من هذا، فلا مانع أن يكون عنده حديثان همام عن زياد عن الزهري في لبس خاتم من ذهب. ثم لبس خاتم الورق هذا شيء وهو مستقل وله معناه.
وهناك الثاني: همام عن الزهري عن أنس في وضع الخاتم هذا شيء ثاني ورجح هذا جماعة وقالوا هذا ليس فيه وهم وليس فيه علة وهما حديثان مستقلان.
وهما حديثان صحيحان رواهما همام أحدهما بواسطة زياد بن سعد عن الزهري والثاني بغير واسطة.
وهذا أقرب وأولى من توهين الثقات، وتغليطهم يحتاج إلى دليل.
وبه استدل على كراهة دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله وإذا كان آيات من القرآن كان أشد كراهة بل قال بعضهم بالتحريم لعظم حرمة كلام الله عزوجل وهذا كله إذا تيسر له ذلك وأما إذا خاف عليه من الرياح أو خاف أن يسرق أو خاف أن ينساه فلا كراهة للحاجة والضرورة فإن كثيرا من الناس يغلب عليه النسيان يضع الشيء في موضع ثم ينساه، وبعض الناس لا يجد مكانا مناسبا يضعه فيه. يسرق أو يؤخذ أو تطير به الرياح وما أشبه ذلك.
فالحاصل ن هذا هو الأفضل إذا تيسر، وإلا فلا كراهة عند الحاجة إلى الدخول عنده أوراق فيها ذكر الله لأن قد يضعها خارجا فتنسى أو تسقط في ماء أو يأخذها بعض الصبيان وما أشبه ذلك.
هذا على تقدير ثبوت الحديث. والأولى كما تقدم هو القول بثبوته والأصل في الثقات عدم الغلط وأنه لا مانع من كونه روى هذا وروى هذا لا مانع منهما.
...
الحديث الرابع والتسعون: وعنه رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عيه وسلم e إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذبك من الخبث والخبائث) أخرجه السبعة
وفي لفظ أنه e صلى الله عيه وسلم قال: (إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: اللهم إني أعوذبك من الخبث والخبائث).
زاد سعيد بن منصور في روايته: كان يقول: (بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث) قال الحافظ رواه المعمري بسند جيد على شرط مسلم.
أي يقول عند الدخول بسم الله اللهم إني أعوذبك من الخبث والخبائث
أنس قال: كان النبي صلى الله عيه وسلم e إذا أراد أن يدخل) وهذا هو المراد. وفي لفظ إذا دخل يعني إذا أراد الدخول مثل قوله جل وعلا (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) يعني إذا أردت القراءة فاستعذ بالله. فالإنسان يستعيذ بالله عند الإرادة فالمشروع عند القراءة لا بعدها
هكذا إذا دخل الخلاء معناه إذا أراد دخول الخلاء كما في رواية سعيد بن زيد المعلقة عند البخاري تعليقا مجزوما به.
ورواه أيضا في الأدب المفرد متصلا من طريق أبي النعمان شيخه عن سعيد بن زيد فهذه الروايات صحيحة معلقة ومتصلة
(أن النبي صلى الله عيه وسلم e كان إذا أراد أن يدخل بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث)
والخبث بالضم أفصح وتسكن باؤه يقال خبث وقد جزم الخطابي رحمه الله صاحب المعالم بتغليط من سكنها فغلطوه وقالوا: الصواب يجوز التسكين مثل: كتب وكتْب. رسل ورسل بالتسكين صحف وصحف. ولكن الأفصح هو الضم بضمتين
جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة أراد عند بعض أهل العلم التعوذ بالله من الشياطين ........... ــ ذكور الشياطين وإناثهم جميعا لأنهم يحضرون في الغالب في المواضع القذرة حال قضاء الحاجة فيستعيذ بالله من شرهم جميعا، وقال بعضهم: بتسكين الخبث: الشر والمكروه والخبائث الأفعال القبيحة والمعنى أعوذ بالله من الشر كله وأعوذ بالله من الخبائث التي هي الأفعال القبيحة
فعلى القول الأول استعاذ من أسبابها فإن الشياطين هي أسباب كل شر فإذا استعاذ منهم استعاذ من أسباب الشر كله هذا من الآداب الصالحة، ومن الآداب الصالحة عند دخول الخلاء: دخول الخلاء أو عند ما تريد الجلوس في البرية
هذه من الآداب الشرعية التي جاء بها هذا الشرع الطهر عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
...
الحديث الخامس والتسعون: وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله
¥