تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الآداب الشرعية عند قضاء الحاجة ألا يتخلى في مواضع يحتاج إليها المسلمون سواء كانت مستظلا أو متشمسا أو غير ذلك مما يحتاجه الناس فمن الآداب الشرعية عند قضاء الحاجة أن يتباعد عن المواضع التي ينتفع بها المسلمون حتى لا يؤذيهم فيها وحتى لا يكدرها عليهم أو يمنعهم منها كما جاء هذا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عيه وسلم e قال: اتقوا اللاعنين سمي الطريق لاعنا والظل لاعنا لأنه سبب اللعن لمن تغوط فيه الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم فكلاهما لاعن بمعنى أنه سبب للعن وهذا فيه تجوز على طريقة العرب في نسبة الأشياء إلى الأسباب تجوزا فالتخلي في الطريق والظل من أسباب لعن الناس لمن فعل ذلك وسبهم له لأنه آذاهم في ذلك. ومنه ما يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من سل سخيمته على الناس (من سل سخيمته في طريق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وهذا كذلك من آذى المسلمين في طريقهم وجبت عليه لعنتهم إلى غير ذلك مما يدل على أن إيذاء المسلمين في مواضع انتفاعهم من أسباب لعنهم له وسبهم إياه.

فالواجب على المسلم أن يتأدب بالآداب الشرعية وأن تكون المواضع التي يقضي فيها حاجته بعيدة عما يتأذى به المسلمون وعما يكدرهم ولا شك أن الطريق يتأذى به الناس بالرائحة الكريهة ومن وطئه بأقدامهم أو بنعالهم أو خفافهم فيتأذون بذلك وهكذا ظلهم الذي يجلسون فيه فإذا تغوط فيه آذاهم بهذا وحرمهم من هذا الظل. وقد يؤذيهم بالبول ولكن الأذى بالغائط أكثر، فينبغي له أن يبتعد عن هذه الأشياء التي فيها إيذاء إخوانه المسلمين وهكذا البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل. لأن أطراف الطريق التي لا يمر بها الناس قد يحتاجها الناس إذا كان الطريق واسعا وله حافات ولا يطؤها الناس ويمكن أن يرتفق بها المحتاج فلا بأس لأنها لا تضر الناس في هذه الحالة والبراز بفتح الباء هو التبرز في الصحراء ويقال للمحل الخالي البارز: براز سمي قضاء الحاجة برازا لأنه يخرج الإنسان إلى البراز لأجل ذلك وسمي لأنه الخلاء لأنه في الغالب يكون خاليا من الناس ويقصد لقضاء الحاجة وأما البراز بالكسر فهو مصدر بارز برازا ومبارزة هو ما يتقدم فيه الأقران في الحرب فيما بينهم بين الصفين هذه يقال لها المبارزة أو يقال لها البراز، التقدم من هذا الصف ومن هذا الصف بين الصفين في الحرب والقتال.

الموارد: جمع مورد وهي موارد الماء وموارد الأنهار لأن البراز فيها يكدرها على الناس ويلوثهم إذا جاءوا إليها فلهذا نهى عن ذلك

وقارعة الطريق كما تقدم هو الظل وهو موافق لحديث أبي هريرة ولكن فيه ضعفا كما قال المؤلف رحمه الله لأنه من رواية أبي سعيد الحميري قد قيل فيه إنه مجهول وهو مع هذا منقطع لم يلق معاذا

وكذلك حديث أحمد (في نقع الماء) في اسناده ابن لهيعة وهو معروف فهذه كلها وإن كان فيها ضعف لكن يشد بعضها بعضا. فإن حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم يشهد لها في المعنى.

وكذلك القواعد الشرعية تشهد لهذا الأحاديث في المعنى. وكقوله جل وعلا (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) هذا أصل في هذا الباب فإن التغوط في طريق الناس أو البول في طريق الناس أو إلقاء القشر قشر الرمان أو قشر الموز أو قشر البطيخ وما أشبه ذلك أو القمامات في الطريق كل هذا يؤذي الناس ويضرهم ومن جنس ما يقع في طريق الناس من الحفر والمسامير كل هذه أذى في طريق المسلمين ويجب تجنبها والحذر منها.

وكذلك (نقع الماء) إذا كان من الغدران ونحوها إذا كان الغدران ينتفع بها الناس فإن البول فيها والتغوط فيها يكدرها على الناس ولهذا نهى النبي صلى الله عيه وسلم عن البول في الماء الدائم والتغوط أشد واقبح وأشد أثرا في الماء. والنهي عنه أبلغ وإن كان في السند ضعف لكن الحديث الذي رواه البخاري عن أبي رضي الله عنه أن النهي عن البول في الماء الدائم يشهد لهذا المعنى ويدل عليه.

وكذلك عرفت الآية الكريمة في من يؤذي المؤمنين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير